ولنا أنه خالف أمر صاحبها بما لا مصلحة فيه فيضمن كما لو نقلها من دار إلى دار وليس ما فرق به صحيحا لأن ثبوت الدار يختلف فمنها ما هو أقرب إلى الطريق أو إلى موضع الوقود أو إلى الانهدام أو أسهل فتحا أو بابه أسهل كسرا أو أضعف حائطا أو أسهل نقبا أو لكون المالك يسكن به أو يسكن في غيره وأشباه هذا مما يؤثر في الحفظ أو في عدمه فلا يجوز تفويت غرض رب الوديعة من تعيينه من غير ضرورة، وإن خاف عليها في موضعها فعليه نقلها فإن تركها فتلفت ضمنها لأن فهي صاحبها عن إخراجها إنما كان لحفظها وحفظها ههنا في إخراجها فأشبه ما لو لم ينهه عن إخراجها فإن قال لا تخرجها وان خفت عليها فاخرجها من غير خوف ضمنها وان أخرجها عند خوفه عليها أو تركها فتلفت لم يضمنها لأن نهيه مع خوف الهلاك نص فيه وتصريح به فيكون مأذونا في تركها في تلك الحال فلم يضمنها لامتثاله أمر صاحبها كما لو قال له أتلفها فأتلفها ولا يضمن إذا أخرجها لأنه زيادة خير وحفظ فلم يضمن به كما لو قال له أتلفها فلم يتلفها حتى تلفت (فصل) وان أودعه وديعة ولم يعين له موضع احرازها فإن المودع يحفظها في حرز مثلها أي موضع شاء فإن وضعها في حرز ثم نقلها عنه إلى حرز مثلها لم يضمنها سواء نقلها إلى مثل الأول أو دونه لأن ربها رد حفظها إلى رأيه واجتهاده وأذن له في احرازها بما شاء من إحراز مثلها ولهذا لو تركها في هذا الثاني أولا لم يضمنها فكذلك إذا نقلها إليه، ولو كانت العين في بيت صاحبها فقال لرجل احفظها في موضعها فنقلها عنه من غير خوف ضمنها لأنه ليس بمودع إنما هو وكيل في حفظها وليس له إخراجها من ملك صاحبها ولا من موضع استأجره لها إلا أن يخاف عليها فعليه اخراجها لأنه مأمور بحفظها وقد تعين حفظها في إخراجها ويعلم أن صاحبها لو حضر في هذه الأحوال لأخرجها ولأنه مأمور بحفها على صفة فإذا تعذرت الصفة لزمه حفظها بدونها كالمستودع إذا خاف عليها (فصل) إذا أخرج الوديعة المنهى عن إخراجها فتلفت وادعى أنه أخرجها لغشيان نار أو سيل أو شئ ظاهر فأنكر صاحبها وجوده فعلى المستودع البينة أنه كان في ذلك الموضع ما ادعاه لأن هذا
(٢٨٦)