والغرض الكفاية، ولهذا تعتبر الذرية والولد فيختلف عطاؤهم لاختلاف ذلك وإن كانوا سواء في الكفاية لا يفضل بعضهم على بعض وإنما تتفاضل كفايتهم ويعطون قدر كفايتهم في كل عام مرة، وهذا والله أعلم على قول من رأى التسوية، فأما من يرى التفضيل فإنه يفضل أهل السوابق والغنى في الاسلام على غيرهم بحسب ما يراه كما أن عمر فضل أهل السوابق فقسم لقوم خمسة آلاف ولآخرين أربعة آلاف ولآخرين ثلاثة آلاف ولآخرين ألفين ألفين ولم يقدر ذلك بالكفاية (فصل) والعطاء الواجب لا يكون إلا لبالغ يطبق مثله القتال، ويكون عاقلا حرا بصيرا صحيحا ليس به مرض يمنعه القتال فإن مرض الصحيح مرضا غير مرجو الزوال كالزمانة ونحوها خرج من المقاتلة وسقط سهمه، وإن كان مرضا مرجو الزوال كالحمى والصداع والبرسام لم يسقط عطاؤه لأنه في حكم الصحيح الا ترى أنه لا يستنيب في الحج؟ كالصحيح وإن مات بعد حلول وقت العطاء دفع حقه إلى ورثته، ومن مات من أجناد المسلمين دفع إلى زوجته وأولاده الصغار قدر كفايتهم لأنه لو لم تعط ذريته بعده لم يجرد نفسه للقتال لأنه يخاف على ذريته الضياع فإذا علم أنهم يكفون بعد موته سهل عليه ذلك ولهذا قال أبو خالد الهنائي.
لقد زاد الحياة إلي حبا * بناتي انهن من الضعاف مخافة أن يرين الفقر بعدي * وأن يشربن رنقا بعد صاف وأن يعرين ان كسي الجواري * فيثنوا العين عن كرم عجاف ولولا ذاك قد سومت مهري * وفي الرحمن للضعفاء كاف وإذا بلغ ذكور أولادهم واختاروا أن يكونوا في المقاتلة فرض لهم وإن لم يختاروا تركوا ومن خرج من المقاتلة سقط حقه من العطاء