بخلطها بماله أو بغيره ففعل ذلك فلا ضمان عليه لأنه فعل ما أمر به فكان نائبا عن المالك فيه، وقد نقل مهنا عن أحمد في رجل استودع عشرة دراهم واستودعه آخر عشرة وأمراه أن يخلطها فخلطها فضاعت الدراهم فلا شئ عليه فإن امره أحدهما بخلط دراهمه ولم يأمره الآخر فعليه ضمان دراهم من لم يأمره دون الأخرى، وان اختلطت هي بغير تفريط منه فلا ضمان عليه لأنها لو تلفت بذلك لم يضمن فخلطها أولى وان خلطها غيره فالضمان على من خلطها لأن العدوان منه فالضمان عليه كما لو أتلفها (المسألة الثانية) إذا لم يحفظها كما يحفظ ماله وهو أن يحرزها بحرز مثلها فإنه يضمنها، وحرز مثلها يذكر في باب القطع في السرقة وهذا إذا لم يعين له المودع ما يحفظها فيه فإن عين له لزمه حفظها فيما امره به سواء كان حرز مثلها أو لم يكن، وان أحرزها بمثله أعلى منه لم يضمنها، ويتخرج أن يضمنها إذا فعل ذلك من غير حاجة (المسألة الثالثة) إذا أودعها غيره ولها صورتان (إحداهما) أن يودعها غيره لغير عذر فعليه الضمان بغير خلاف في المذهب وهو قول شريح ومالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وإسحاق، وقال ابن أبي ليلى لا ضمان عليه لأن عليه حفظها واحرازها وقد أحرزها عند غيره وحفظها به ولأنه يحفظ ماله بايداعه فإذا أودعها فقد حفظها بما يحفظ به ماله فلم يضمنها كما لو حفظها في حرزه ولنا انه خالف المودع فضمنها كما لو نهاه عن ايداعها وهذا صحيح فإنه أمره بحفظها بنفسه ولم يرض لها غيره، فإذا ثبت هذا فإن له تضمين الأول وليس للأول الرجوع على الثاني لأنه دخل معه في العقد على أنه أمين له لا ضمان عليه، وان أحب المالك تضمين الثاني فذكر القاضي انه ليس له تضمينه في ظاهر كلام أحمد لأنه ذكر الضمان على الأول فقط وهذا مذهب أبي حنيفة لأنه قبض قبضا موجبا للضمان على الأول فلم يوجب ضمانا آخر وفارق القبض من الغاصب فإنه لم يوجب الضمان على الغاصب إنما لزمه الضمان بالغصب، ويحتمل انه له تضمين الثاني أيضا لأنه قبض مال غيره على وجه لم يكن له قبضه ولم يأذن له مالكه فضمنه كالقابض من الغاصب، وهذا مذهب الشافعي، وذكر أحمد الضمان على الأول لا ينفي الضمان عن الثاني كما أن الضمان يلزم الغاصب
(٢٨٢)