مجراه، وإن كان السفر للنزهة ففيه وجهان (أحدهما) يدفع إليه لأنه غير معصية (والثاني) لا يدفع إليه لأنه لا حاجة به إلى هذا السفر ويقوى عندي انه لا يجوز الدفع للسفر إلى غير بلده لأنه لو جاز ذلك لجاز للمنشئ للسفر من بلده ولان هذا السفر إن كان لجهاد فهو يأخذ له من سهم سبيل الله وإن كان حجا فغيره أهم منه، وإذا لم يجز الدفع في هذين ففي غيرهما أولى وإنما ورد الشرع بالدفع إليه للرجوع إلى بلده لأنه أمر تدعو حاجته إليه ولاغنى به عنه فلا يجوز الحاق غيره به لأنه ليس في معناه فلا يجوز قياسه عليه ولا نص فيه فلا يثبت جوازه لعدم النص والقياس (فصل) وإذا ادعى الرجل انه ابن سبيل ولم يعرف ذلك لم يقبل الا ببينة، وان ادعى الحاجة ولم يكن عرف له مال في مكانه الذي هو به قبل قوله من غير بينة لأن الأصل عدمه معه وان عرف له مال في مكانه لم تقبل دعواه للفقر الا ببينة كما لو ادعى إنسان المسكنة (فصل) وجملة من يأخذ مع الغنى خمسة: العامل والمؤلف قلبه والغازي والغارم لا صلاح ذات البين وابن السبيل الذي له اليسار في بلده. وخمسة لا يعطون الا مع الحاجة: الفقير والمسكين والمكاتب والغارم لمصلحة نفسه في مباح وابن السبيل. وأربعة يأخذون أخذا مستقرا لا يلزمهم رد شئ بحال: الفقير والمسكين والعامل والمؤلف، وأربعة يأخذون أخذا غير مستقر: المكاتب والغارم والغازي وابن السبيل (فصل) ومن سافر لمعصية فأراد الرجوع إلى بلده لم يدفع إليه ما لم يتب فإن تاب احتمل جواز الدفع إليه لأن رجوعه ليس بمعصية فأشبه رجوع غيره بل ربما كان رجوعه إلى بلده تركا للمعصية واقلاعا عنها كالعاق يريد الرجوع إلى أبويه والفار من غريمه أو امرأته يريد الرجوع إليهما ويحتمل أن لا يدفع إليه لأن سبب ذلك المعصية فأشبه الغارم في المعصية (مسألة) قال (وليس عليه أن يعطي لكل هؤلاء الأصناف وان كانوا موجودين إنما عليه أن لا يجاوزهم) وذلك لأن الآية إنما سيقت لبيان من يجوز الصرف إليه لا لايجاب الصرف إلى الجميع بدليل أنه لا يجب تعميم كل صنف بها. وقد ذكر الله تعالى في آية أخرى صرفها إلى صنف واحد فقال سبحانه (ان تبدوا الصدقات فنعما هي، وان تتخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمين (أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) متفق عليه فلم يتذكر في الآية ولا في الخبر إلا صنفا واحدا وقال النبي صلى الله عليه وسلم لقبيصة حين تحمل حمالة (أقم
(٣٢٩)