(مسألة) قال ولو أمره ان يجعلها في منزل فاخرجها عن المنزل لغشيان نار أو سيل أو شئ الغالب منه البوار فلا ضمان عليه) وجملة ذلك أن رب الوديعة إذا أمر المستودع بحفظها في مكان عينه فحفظ فيه ولم يخش عليها فلا ضمان عليه بغير خلاف لأنه ممتثل لامره غير مفرط في ماله وان خاف عليها سيلا وتوى، يعنى هلاكا، فأخرجها منه إلى حرزها فتلفت فلا ضمان عليه بغير خلاف أيضا لأن نقلها في هذه الحال تعين حفظا لها وهو مأمور بحفظها وان تركها مع الخوف فتلفت ضمنها سواء تلفت بالامر المخوف أو بغيره لأنه فرط في حفظها لأن حفظها نقلها وتركها تضييع لها وان لم يخف عليها فنقلها عن الحرز إلى دونه ضمنها لأنه خالفه في الحفظ المأمور به وان نقلها إلى دونه عند الخوف عليها نظرنا فإن أمكنه احرازها بمثله أو أعلى منه ضمنها أيضا لتفريطه وان لم يمكنه احرازها الا بما دونه لم يضمنها لأن احرازها بذلك أحفظ لها من تركه وليس في وسعه سواه وان نقلها إلى مثل ذلك الحرز لغير عذر فقال القاضي لا يضمنها وهو مذهب الشافعي لأن تقييده بهذا الحرز يقتضي ما هو مثله كمن اكترى أرضا لزرع حنطة فله زرعها وزرع مثلها في الضرر ويحتمل كلام الخرقي لزوم الضمان لأن الامر بشئ يقتضي تعيينه فلا يعدل عنه الا بدليل وان نقلها إلى أحرز منه كان حكمه حكم ما لو أخرجها إلى مثله فإن نهاه عن إخراجها من ذلك المكان فالحكم فيه كما لو أمره بتركها فيه ولم ينهه عن اخراجها منه إلا في أنه إذا خاف عليها فلم يخرجها حتى تلفت ففيه وجهان أحدهما يضمن لما ذكرنا في التي قبلها والثاني لا يضمن لأنه ممتثل لقول صاحبها وفي أنه إذا أخرجها لغير عذر ضمنها سواء أخرجها إلى مثله أو دونه أو فوقه لأنه خالف صاحبها لغير فائدة وهذا ظاهر كلام الشافعي وقال أبو حنيفة ان نهاه عن نقلها من بيت فنقلها إلى بيت آخر من الدار لم يضمن لأن البيتين من دار واحدة حرز واحد وطريق أحدهما طريق الآخر فأشبه ما لو نقلها من زاوية إلى زاوية وان نقلها من دار إلى دار أخرى ضمن
(٢٨٥)