(فصل) ويحرم على الرجل نكاح بنته من الزنا وأخته وبنت ابنه وبنت بنته وبنت أخيه وأخته من الزنا وهو قول عامة الفقهاء، وقال مالك والشافعي في المشهور من مذهبه يجوز ذلك كله لأنها أجنبية منه ولا تنسب إليه شرعا ولا يجري التوارث بينهما ولا تعتق عليه إذا ملكها ولا تلزمه نفقتها فلم تحرم عليه كسائر الأجانب ولنا قول الله تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) وهذه بنته فإنها أنثى مخلوقة من مائه هذه حقيقة لا تختلف بالحل والحرمة ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في امرأة هلال بن أمية (أنظروه يعني ولدها فإن جاءت به على صفة كذا فهو لشريك بن سحماء) يعني الزاني ولأنها مخلوقة من مائه وهذه حقيقة لا تختلف بالحل والحرمة فأشبهت المخلوقة من وطئ بشبهة ولأنها بضعة منه فلم تحل له كبنته من النكاح وتخلف بعض الأحكام لا ينفى كونها بنتا كما لو نخلف لرق أو اختلاف دين. إذا ثبت هذا فلا فرق بين علمه بكونها منه مثل أن يطأ امرأة في طهر لم يصبها فيه غيره ثم يحفظها حتى تضع أو مثل أن يشترك جماعة في وطئ امرأة فتأتي بولد لا يعلم هل هو منه أو منه غيره؟ فإنها نحرم على جميعهم لوجهين (أحدهما) انها بنت موطوءتهم (والثاني) أننا نعلم أنها بنت بعضهم فتحرم على الجميع كما لو زوج الوليان ولم يعلم السابق منهما وتحرم على أولادهم لأنها أخت بعضهم غير معلوم فإن ألحقتها القافة بأحدهم حلت لأولاد الباقين ولم تحل لاحد ممن وطئ أمها لأنها في معنى ربيبته
(٤٨٥)