قال ابن المنذر: وقد أعتق النبي صلى الله عليه وسلم صفية ابنة حي فتزوجها بغير شهود. قال أنس ابن مالك رضي الله عنه: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم جارية بسبعة قروش، فقال الناس ما ندري أتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم جعلها أم ولد؟ فلما أن أراد أن يركب حجبها فعلموا أنه تزوجها متفق عليه، قال فاستدلوا على تزويجها بالحجاب: وقال يزيد بن هارون: أمر الله تعالى بالاشهاد في البيع دون النكاح فاشترط أصحاب الرأي الشهادة للنكاح ولم يشترطوها للبيع، ووجه الأولى أنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل) رواه الخلال باسناده وروى الدارقطني عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابد في النكاح من أربعة: الولي والزوج والشاهدان ولأنه يتعلق به حق غير المتعاقدين وهو الولد فاشترطت الشهادة فيه لئلا يجحده أبوه فيضيع نسبه بخلاف البيع فأما نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بغير ولي وغير شهود فمن خصائصه في النكاح فلا يلحق به غيره.
(الفصل الثالث) أنه لا ينعقد إلا بشهادة مسلمين سواء كان الزوجان مسلمين أو الزوج وحده نص عليه أحمد وهو قول الشافعي وقال أبو حنيفة إذا كانت المرأة ذمية صح بشهادة ذميين قال أبو الخطاب ويتخرج لنا مثل ذلك مبنيا على الرواية التي تقول بقبول شهادة بعض أهل الذمة على بعض ولنا قوله عليه السلام لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ولأنه نكاح مسلم فلم ينعقد بشهادة ذميين كنكاح المسلمين.