وخالفهما المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (1)، فذهب إلى أن معنى الاختيار لا يساوق السلطنة لاستعماله في موارد كثيرة لا يمكن أن يراد به معنى السلطنة فيها، كما إذا قلت: اختار زيد العزلة عن الناس، واختار شرب الدواء الخاص، واخترت لبس هذا الثوب من بين الأثواب، وكقوله تعالى (2): * (واختار موسى من قومه سبعين رجلا) *، وقوله تعالى (3): * (وأنا اخترتك...) *،... إلى غير ذلك من الاستعمالات.
ومن الواضح أنه لا معنى لإرادة معنى السلطنة من الاختيار في هذه الاستعمالات، مع أنه لا يرى فيها وفي أمثالها أدنى مسامحة وعناية. ولعل الجامع بين هذه الموارد وغيرها من موارد استعمال مادة الاختيار على اختلاف هيئاتها هو إرادة ما يساوق معنى الترجيح والانتقاء والاصطفاء.
ومن هنا يظهر أن الاختيار - ويلحق به الخيار لأنه بمعناه - يمكن أن يتعلق بالأعيان، إذ يصح إضافة الانتقاء والترجيح إلى العين. وفي الآيتين الكريمتين المتقدمتين وغيرهما - كقول القائل: اخترت زيدا صديقا لي واخترت هذا الكتاب من بين الكتب - كفاية في إثبات المطلوب، لإضافة الاختيار فيها إلى العين من دون أي تقدير ولا مسامحة.
وأما ما ذكره السيد (رحمه الله) من: أن الاختيار لا يضاف إلى الأعيان، فلعله ناشئ من الخلط بين الاختيار بالمعنى اللغوي والاختيار بالمعنى الاصطلاحي للمتكلمين الذي هو بمعنى المشيئة والإرادة، إذ المشيئة لا يمكن أن تتعلق بغير الأفعال.
فالتفت.
هذا، ولكن الانصاف أن ما ذكره المحقق الأصفهاني (رحمه الله) في معنى الاختيار لا يخلو عن مناقشة، فإن الترجيح غير مساوق لمفهوم الاختيار ولو انطباقا، فإنه لا