الثانية: في وجه التقابل بين أخذ الثمن والاسقاط، مع أن مسقطيته من جهة أنه اسقاط للخيار فعلي، فينبغي إدراج البحث في مسقطية أخذ الثمن في البحث عن مسقطية الاسقاط، فيبين هناك أنه لا فرق بين الاسقاط القولي والفعلي.
وقد تصدى إلى توجيه التقابل، فذكر فيه وجهان:
الأول: أن حق الخيار يتقوم بجهتين: إحداهما حق الفسخ. والأخرى حق الامضاء والالتزام، وجهة سقوط الخيار بأخذ الثمن من جهة أنه يكشف عن التزام البائع بالعقد ورضاه به، فيكون إعمالا للخيار، فيسقط في قبال إسقاطه ودفع اليد عنه. وهذا الوجه أشار إليه المحقق الأصفهاني (رحمه الله) (1).
الثاني: ما أشار إليه السيد الطباطبائي (رحمه الله) (2) وهو: أن أخذ الثمن التزام قهري بالبيع بمقتضى تعبد الشارع، كما يشير إليه التعليل الوارد في التصرف بأنه رضا بالبيع، فليس هو من مصاديق الإسقاط الانشائي الفعلي كي لا تصح المقابلة.
وكيف كان، فيقع الكلام في أن أخذ الثمن هل يستلزم سقوط الخيار أم لا؟
ذهب الشيخ (قدس سره) إلى ذلك ببيان أنه التزام فعلي بالبيع ورضاء بلزومه.
ثم إنه (قدس سره) ردد بين اشتراط إفادته العلم بكونه لأجل الالتزام بالبيع وبين الاكتفاء بالظن، وبين عدم اعتبار شئ من ذلك لأجل كونه كاشفا نوعيا عن الالتزام، والظهور النوعي حجة مع عدم حجة على خلافه، وقال (قدس سره) خير الوجوه أوسطها لكن الأقوى الأخير.
ولم نعرف وجه الجمع بين هذين الأمرين. وعلى كل حال، فقد أورد على دعوى كون أخذ الثمن كاشفا نوعيا عن الالتزام بالعقد والرضا به بأنه منتقض بموارد خيار المجلس والحيوان، فإن أخذ الثمن بعد العقد وفي زمن الخيار لا يمنع من ثبوت الخيار ولا يقول به أحد.
ولكن يمكن الفرق بين المقامين، بأن أخذ الثمن بعد مضي زمان طويل يكون فيه