(فصل) * (في حكم الاستثناء في الطلاق) * والاستثناء ضد المستثنى منه، وهو من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات، ويجوز استثناء القليل من الكثير والكثير حتى يبقى القليل، فيصح أن يقول له عشرة إلا تسعة، وعشرة إلا واحدا، وقال بعض أهل العربية وهو ابن درستويه لا يجوز استثناء الكثير من الجملة حتى يبقى القليل، والأول أصح عندنا قال الله تعالى (رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) ثم قال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين (1)) فقد استثنى المخلصين من جملة العباد، ثم استثنى الغاوين من جملتهم أيضا فإن كان المخلصين أكثر ثبت ما قلناه، وإن كان الغاوين أكثر وهو الأظهر ثبت أيضا، لأنه لا يخلو أن يكونوا سواء أو بعضهم أكثر من بعض، وعند المخالف لا يجوز استثناء النصف إلا أقل منه.
فإذا ثبت هذا فإن الاستثناء يكون إذا تكرر من الذي يليه، فإذا قال أنت طالق ثلاثا إلا طلقة، طلقت عندهم طلقتين، ولو قال إلا اثنتين طلقت واحدة.
فإن قال أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة، طلقت طلقتين، وكذلك في الاقرار إذا قال: له على عشرة إلا ستا إلا أربعا إلا اثنتين إلا واحدة، يكون أقر بسبعة.
وعندنا أن ذلك صحيح في الاقرار، فأما في الطلاق فلا يقع إلا واحدا، لأن إيقاع طلقتين لا يمكن، لا لأن الاستثناء ليس بصحيح.