فإذا ثبت هذا فحلف رجل لا أخذت حقك مني فاليمين علقت بأخذ من له الحق فإذا أخذه الذي له منه حنث الحالف، سواء كان الدافع مكرها على الدفع أو مختارا، لأن الاعتبار بالأخذ، وإن أخذه مكرها فهل يحنث؟ على قولين: فإن وضعه من عليه الحق في حجر من له الدين أو في جيبه أو بين يديه، فلم يأخذه لم يحنث لأن الأخذ ما وجد وإن أخذ السلطان حق من له الحق ثم أخذه الذي له من السلطان لم يحنث، لأنه ما أخذ منه، وإنما أخذه من الحاكم.
وإن كان حلف لا أخذت مالك علي فأخذ من الحاكم لم يحنث، لأنه ما أخذ ماله عليه، وإنما أخذت مال نفسه من الحاكم، لأن الحاكم لما قبضه برئت ذمته بقبضه، وكان المأخوذ مال الآخذ، فما أخذ ما له عليه.
هذا إذا حلف من عليه الحق لا أخذ صاحب الحق حقه، فأما إن حلف لا أعطيك مالك علي، فاليمين يتعلق ها هنا بإعطاء الحالف، فإن أعطاه مختارا خنث وإن أعطاه مكرها فعلى قولين، وعلى هذا لو وضع حقه في جيبه أو حجره حنث لأن الاعطاء قد وجد، وإن أخذه السلطان منه ودفعه إلى صاحب الدين لم يحنث لأنه ما أعطاه وإنما أعطى السلطان.
وعندنا أن هذه الأيمان لا تنعقد، ولا تجب بمخالفتها الكفارة لأن الأولى خلافها ومتى كانت الأيمان بالطلاق، كانت باطلة، لأن اليمين بالطلاق لا تنعقد عندنا غير أنه إن علق بذلك النذر كان وجوبه على ما حكيناه في اليمين عن المخالف.
إذا قال إن كلمت فلانا فأنت طالق، عندنا لا تطلق وإن كلمته لما مضى وعندهم إن كان بالبصرة فقالت هي ببغداد يا با فلان لم تحنث لأن التكليم عبارة عن تكليمه من حيث يسمع الكلام، ويفهم الخطاب، وعندنا مثل ذلك إذا علق به نذرا.
فأما إن كلمته ميتا أو نايما أو هي نائمة أو مغلوبا على عقله بجنون أو غيره لم يحنث لأن هذا لا يعقل الكلام، وإن كلمته مكرهة فعلى قولين أصحهما عندنا أنها لا يجب عليها شئ إذا علق به نذرا وإن كلمته سكرانة حنث لأنه كالصاحي.
وإن كلمته بحيث يسمع الكلام منها حنث سمع كلامها أو لم يسمع، لأنه يقال