والخلاف في فصلين أحدهما أن اللعان يصح من هؤلاء أو لا؟ والثاني أن اللعان هل هو يمين أو شهادة؟ فعندنا هو يمين ويصح منهم، وعندهم شهادة لا يصح منهم وإنما قلنا ذلك لقوله تعالى " والذين يرمون أزواجهم " إلى آخر الآيات ولم يفرق، ولعموم الأخبار، وإنما قلنا إنه يمين لما روى عكرمة عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما لاعن بين هلال ابن أمية وبين زوجته قال إن أتت به على نعت كذا فما أراه إلا وقد كذب عليها، وإن أتت به على نعت كذا وكذا فما أراه إلا من شريك بن السحماء.
قال فأتت به على النعت المذكور، فقال النبي (عليه السلام) لولا الأيمان لكان لي ولها شأن، فسمي اللعان يمينا، ولأنه لو كان شهادة لما صح لعان الأعمى، لأن شهادة الأعمى لا يقبل عند المخالف.
إذا قذف زوجته ولم يكن له بينة فله أن يلاعن بلا خلاف للآية، وإذا كان له بينة فله أيضا أن يلاعن، وقال بعضهم ليس له أن يلاعن مع قدرته على البينة وهو قوي لقوله تعالى " والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم " فشرط في أن يلاعن ألا يكون له شاهد إلا نفسه.
فإذا ثبت هذا وقذف زوجته الحرة المحصنة ولزمته الحد فطالبت به كان له أن يلاعن لإسقاط الحد بلا خلاف، وإن كانت أمة أو كافرة فلزمه التعزير بقذفها وطالبت به، فله أن يلاعنها ليسقط عن نفسه، فأما إذا لم يطالب بحد ولا تعزير فإن كان له نسب كان له أن يلاعن لنفيه، وإن لم يكن فليس له أن يلاعن، لأن اللعان لإسقاط الحد أو لنفي النسب، وفي الناس من قال له أن يلاعن لإزالة الفراش وإسقاطه، وليس بشئ لأنه يمكنه إزالته بالطلاق.
حد القذف من حقوق الآدميين لا يستوفى إلا بمطالبة آدمي، ويورث كساير الحقوق، ويدخله الإبراء والعفو كما يدخل في سائر الحقوق وفيه خلاف.
اللعان لا يثبت عندنا بالقذف المطلق، إلا إذا ادعى المشاهدة أو الانتفاء من الحمل