طالق ثم طالق وطالق، أنت طالق بل طالق ثم طالق، فالثلاث يقع ها هنا كلها لأنه إنما حمل الثاني على الأول إذا كان على صورته فأما إذا غاير بينهما بحرف آخر صارت الثالثة ها هنا كالثانية فيه إذا لم يتغاير، وعندنا أنها مثل الأولى سواء.
فإن قال أنت طالق وطالق لا بل طالق رجع إليه، فإن قال أردت الاستيناف بالثالثة، كان على ما نوى، وإن لم يكن له نية وقعت الثالثة أيضا، فإن قال شككت في إيقاع الثانية فاستدركت إيقاعها، فقلت: لا، بل طالق، بنية إيقاع الثانية فالقول قوله لأن (لا بل) للاستدراك، وعندنا أنها مثل ما تقدم.
إذا قال أنت طالق طلاقا ونوى الإيقاع وقعت واحدة لا غير، فإن لم ينو لم يقع شئ أصلا، وعندهم إن لم تكن له نية لم يقع بقوله طلاقا شئ، وكان الواقع واحدة، لأنه مصدر وهو للتأكيد، وإن قال نويت بقولي طلاقا عددا كان على ما نوى.
إذا أكره الرجل على الطلاق فنطق به يقصد به دفع الإكراه عن نفسه لم يقع عندنا، وعند بعضهم، وكذلك الإعتاق وسائر العقود ولا يتعلق بنطقه حكم إلا أن يريد باللفظ إيقاع الطلاق دون دفع الإكراه، فحينئذ تطلق عندهم دوننا.
وقال قوم الطلاق واقع على كل حال وكذلك العتاق وكل عقد لا يلحقه فسخ بل العقود التي يلحقها فسخ كالبيع والصلح والإجارة ونحو هذا إذا أكره عليها انعقدت لكنها يكون موقوفة على الإجازة، فإن أجازها باختياره، وإلا بطلت.
وأما بيان الإكراه فجملته أن الإكراه يفتقر إلى ثلاث شرايط، أحدها أن يكون المكره قاهرا غالبا مقتدرا على المكره، مثل سلطان أو لص أو متغلب، والثاني أن يغلب على ظن المكره أنه إن امتنع من المراد منه وقع به ما هو متوعد به، والثالث أن يكون الوعيد بما يستضر به في خاصة نفسه.
وما الذي يلحقه به ضرر؟ على قولين قال قوم الوعيد مثل قتل أو قطع وما عداهما من الضرب والشتم وأخذ المال، فليس بإكراه، والثاني وهو الصحيح عندهم أن جميع ذلك أعني القتل والضرب والشتم وأخذ المال إكراه في الجملة فمن قال بالأول فلا كلام