والضرب الثاني وطي حرام صادف ملكا، وإنما حرم لعارض يزول ويزول تحريمه، مثل وطي الزوجة أو الأمة في حال حيضها أو نفاسها أو صومها أو إحرام واحد منهما، فلا يجب الحد بهذا لأنه صادف ملكا ولا يسقط به الحصانة لأنه صادف ملكا.
والضرب الثالث وطء حرام على التأبيد إلا أنه صادف ملكا مثل أن ملك أخته أو عمته أو خالته من نسب أو رضاع عند المخالف، أو ملك أمه أو بنته أو جدته من الرضاعة، فهل يجب بهذا الوطي حد؟ قال قوم يجب، لأنه وطي محرم على التأبيد وهو الصحيح عندنا، والثاني لا يجب لأنه صادف الملك، وإن كان محرما، وعندنا زال الملك أيضا، ومن أوجب الحد أسقط الحصانة، ومن لم يوجب الحد لم يسقطها.
الضرب الرابع وهو وطي الشبهة مثل أن يتزوج امرأة بغير ولي ولا شهود عند المخالف، أو وجد امرأة على فراشه ظنها زوجته أو أمته فالحد لا يجب بهذا الوطي للشبهة، ويلحق به النسب، وهل يسقط به الحصانة فيه وجهان: أحدهما يسقط، لأنه وطي محرم لم يصادف ملكا كالزنا، والثاني لا يسقط به لأنه وطي يلحق به النسب ولا يجب به الحد وهو الصحيح.
إذا قذف زوجته بالزنا ولم يلاعن فحد ثم قذفها بذلك الزنا فإنه لا يجب عليه حد آخر عندنا، لأنه ثبت كذبه بعجزه عن البينة، والقذف إنما يكون بما يحتمل الصدق والكذب، وهذا محكوم بكذبه وإن قذفها ولاعنها ثم أعاد القذف ثانيا بذلك الزنا فلا حد عليه أيضا لأنه محكوم بصدقه.
فأما إذا قذفها ولاعنها ثم قذفها أجنبي بذلك الزنا لزمه الحد، لأن اللعان حجة يختص الزوج دون الأجنبي، فأسقط الحصانة في حق الزوج دون الأجنبي فلزمه الحد بالقذف، وإذا قذفها وأقام البينة على الزنا فإن حصانتها تسقط في حق الزوج وحق الأجنبي، فإذا قذفها الزوج أو أجنبي بذلك الزنا فإنه لا حد عليه، لأن البينة حجة في حقها.
فأما إذا قذفها ولاعنها فامتنعت من اللعان فخدت ثم قذفها أجنبي بذلك الزنا