إذا ثبت عدد الرضعات التي تحرم على ما مضى من الخلاف في الحولين، فالكلام في بيان ما هو رضعة وما ليس برضعة، فالمرجع في ذلك إلى العرف فما كان في العرف.
رضعة فهو رضعة، وما ليس في العرف برضعة فليس برضعة، لأن ما لا حد له في الشرع ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف كالنقل والتفرق والنقد غير أن أصحابنا خاصة قدروا الرضع بما يروي الصبي منه ويمسك منه.
فإن أرضعته العدد المحرم كل رضعة في يوم أو كل رضعة في مجلس آخر فكل مرة رضعة، كرجل حلف ليأكلن خمس أكلات فأكل هكذا كان بارا في يمينه غير أنا نعتبر أن لا يدخل بين الرضعة والرضعة رضاع امرأة أخرى.
وأما إن التقم الثدي ثم أرسله وعاد إليه نظرت، فإن كان قد قطع قطعا بينا يقال في العادة أنه قد ترك الرضاع فهي رضعة، وإن قطع قطعا يسيرا مثل أن قطعه لإعياء أو تنفس أو انتقل عنه إلى الثدي الثاني في الحال فالكل رضعة واحدة.
كما لو حلف لا أكلت اليوم إلا أكلة واحدة فقدم الطعام إليه فأكل وترك لتنفس أو إعياء أو شرب ماء أو توقع لون آخر تنقل إليه فالكل أكلة واحدة، وإن قطع قطعا بينا فطال الفصل بينهما فهما أكلتان، وكذلك الرضاع فإن التقم الثدي فلما شرب نزعت الثدي عن فيه وقطعت الشرب عليه، فعلى ما قدمناه من أن المعتبر أن يروي لا تكون رضعة.
وعندهم على وجهين أحدهما لا يكون رضعة، ولا يتعلق الحكم بما شرب لأن الاعتبار بالرضاع فعل الطفل، بدليل أنه لو شرب منها وهي نائمة نشرت الحرمة كمن حلف ليأكلن اليوم أكلة، فلما أكل شيئا منع منه ورفع الطعام من عنده فإنه لا يحنث لأنه ما أكل أكلة.
والوجه الثاني أن يكون رضعة لأنه يعتبر فعله وفعلها معا في الرضاع، بدليل أنه لو شرب منها وهي نائمة نشر الحرمة ولو شرب منها وهو نائم أو وجرته نشر الحرمة، و يفارق الأكل لأن المراعى فعله وحده.
فإن التقم الثدي فشرب ثم أرسله والتقم ثدي امرأة أخرى فعندنا بطل الأول