عندنا أن له نفيه على الفور، فإن تمكن من النفي بعد الولادة فلم يفعل بطل نفيه، ولا نريد أنه تجب المبادرة عند الولادة إلى الحاكم بل على ما جرت به العادة من حضوره عند الحاكم على عادته من غير اشتغال بأمر آخر، وقال بعضهم له ذلك إلى ثلاثة أيام وقال بعضهم إلى يوم أو يومين، وقال بعضهم يجوز مدة النفاس أربعين يوما عنده وقال شاذ: له نفيه أبدا فرع:
فإن أخر نفي الولد بعد أن ولدت مدة ثم قال لم أعرف أنها ولدت، فلذلك لم أنفه، فإن كان يمكن أن يكون صادقا مثل أن يكون في محلة أخرى أو في جانب آخر، فالقول قوله مع يمينه، لأن الأصل نفي العلم، وإن كان لا يمكن أن يكون صادقا فيما قاله مثل أن يكونا في دار واحدة، فإنه لا يقبل قوله، ويثبت النسب ويبطل النفي.
إذا لم ينف النسب مدة ثم قال قد عرفت أنها ولدت لكن لم أعلم أن لي النفي، والآن فقد عرفت وأنا أنفيه، فإن كان الرجل ممن يخالط أهل العلم ويسمع منهم وإن لم يكن فقيها، فإنه لا يقبل منه، لأنه ظاهر بين أهل العلم ولا يخفى على من يخالطهم.
وإن كان حديث عهد بالإسلام، أو نشأ في بلاد بعيدة عن دار الاسلام، ثم ادعى الجهل، فإن القول قوله مع يمينه، لأن الأصل عدم العلم، وإن كان من العامة الذين نشأوا في دار الاسلام ولم يختلطوا بالعلماء، قال قوم يقبل قوله مع يمينه، وقال آخرون لا يقبل، والأول أقوى.
فأما إذا كان معذورا في تأخير النفي، مثل أن يكون مريضا أو محبوسا بحق أو مشغولا بحفظ ماله من الحرق أو الغرق أو اللصوص، أو كان ملازما لغريم يخاف هربه أو يخاف مطالبة غريم ولا وفاء معه وما أشبه ذلك، فإنه لا يبطل نفيه، ويكون باقيا إلى أن يتمكن فينفي، بل إن تمكن من الإشهاد على أنه مقيم على النفي لزمه أن يشهد، فإن لم يشهد مع القدرة بطل نفيه.