كتاب الرضاع قال الله تعالى " حرمت عليكم أمهاتكم " إلى قوله " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة " (1) فحرم من الرضاع كما حرم من النسب.
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة.
وروي عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قلت يا رسول الله هل لك في بنت عمك بنت حمزة فإنها أجمل فتاة في قريش، فقال أما علمت أن حمزة أخي من الرضاعة، وأن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب، وأجمعت الأمة على ذلك أيضا، وإن اختلفوا في تفصيله.
فإذا ثبت ذلك فقد ذكر الله تعالى الأعيان المحرمات في كتابه ثلاث عشرة عينا:
سبعا بالنسب، واثنتين بالرضاع، وأربعا بالمصاهرة، فهؤلاء لا يحرمن على التأبيد، وقال " وأن تجمعوا بين الأختين " فذكر ما هو تحريم جمع لا تحريم عين، وقد مضى.
فقد نص الله على الأمهات من الرضاع والأخوات، وقال النبي (صلى الله عليه وآله) يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فألحق الرضاع بالنسب. فصار مثله في حكم التحريم، وحكم المحرم دون غيره من الأحكام التي تتعلق بالنسب، وعندنا تتعلق به أيضا العتق بالملك وكذلك لا يتعلق بالمصاهرة إلا هذان الحكمان، وهما تحريم المصاهرة وحرمة المحرم فقط.
فإذا ثبت هذا فالكلام بعده في بيان العقد الذي يتعلق به ذلك ويدور أكثر مدة الرضاع عليه، وجملته متى وطي امرأة وطأ يلحق به النسب بنكاح صحيح أو فاسد أو وطي شبهة أو ملك يمين فخلق الولد بينهما فهو ابنهما معا لأنه خلق من مائهما، قال الله تعالى " خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب " (2) فالولد خلق من مائهما معا