فأنت طالق، فإن أعطته على الفور وإلا بطل الإيجاب وكذلك في إذا.
والفرق بين هذين الحرفين وبين الخمسة هو أن إن وإذا لا يدلان على الزمان لا على فور ولا تراخ، والمعاوضة تقتضي الفور من حيث الاستدلال فإذا علقت العطية بها أخلصتها للفور، وليس كذلك متى ومتى ما، لأن حقيقة هذه الحروف تشتمل كل الزمان والمعاوضة تقتضي الفور استدلالا، فإذا علقت بها لم تنقلها عن حقيقتها بالاستدلال وهكذا يجب أن نقول إذا جعل نذرا.
ويقوى أيضا أن يكون ذلك مجرى ما تقدم في الحروف، من أنها على التراخي وإنما منع المخالف من حيث المعاوضة قياسا على البيع، ونحن لا نقول بذلك.
فإذا تقرر هذا فكل موضع قلنا على الفور، فإن وجدت الصفة على الفور وإلا بطل، وكل موضع قلنا على التراخي، فالعقد قائم بحاله، فإن وجدت الصفة وقع الطلاق، وإن ماتا أو أحدهما قبل وجودها بطلت، لأنه فات وجودها.
الضرب الثالث إذا دخل فيها حرف لم كقوله إن لم أطلقك فأنت طالق، وإذا و متى وأخواتها مثل ذلك، ولا فصل في هذا بين العطية والضمان وغيرهما لا يختلف الحكم فيه، لأن الصفة نفي الشئ وإعدامه، كقوله إذا لم أفعل فأنت طالق، فإذا كان كذلك لم يفترق الحال بين العطية وبين غيرها.
فإذا ثبت أنه لا فصل بينهما فهي على ضربين أحدهما يكون على الفور، وهي خمسة أحرف متى، ومتى ما، وأي وقت، وأي حين، وأي زمان، فإذا قال متى لم تدخل الدار، متى لم أطلقك فأنت طالق، فإن مضى زمان يمكنه ذلك فلم يفعل وقع الطلاق، لأن معناه أي وقت عدم دخولك الدار فأنت طالق، فإذا مضت مدة يمكنها فلم تفعل عدم الوقت الذي يقع الدخول فيه، فلهذا لم يقع على الفور، وهكذا نقول إذا جعل ذلك نذرا.
فأما (إن) و (إذا) فقال قوم أن (إن لم) على التراخي (وإذا لم) على الفور، وفي الناس من قال لا فصل بينهما، وجميعها على القولين أحدهما على التراخي والثاني أن (إن لم) على التراخي (و (إذا لم) على الفور.