ولد زنا، فقال ولد الزنا شر الثلاثة، يعني أنه في نفسه شرير، وكونه ولد الزنا ذكره على سبيل التعريف له، كما قال: الجالس في وسط الحلقة ملعون، وإنما ذكره على سبيل التعريف لا أنه ملعون بجلوسه في وسط الحلقة.
الكفارة على ضربين مرتبة ومخيرة، فالمرتبة كفارة الجماع والظهار والقتل بلا خلاف، وفي أصحابنا من قال كفارة الجماع مخير فيها، فالمرتب يبدأ بالعتق ثم بالصيام ثم بالإطعام إلا أن كفارة القتل ليس فيه إطعام ستين مسكينا عند قوم، وعندنا فيه الإطعام.
والكفارة المخيرة كفارة اليمين بلا خلاف مخير فيها بين الإعتاق والإطعام والكسوة، فإن عجز عن الثلاثة انتقل إلى الصيام فعجزه عن الثلاثة مثل عجزه عن الإعتاق في الكفارات المرتبة في جواز انتقاله إلى الصوم.
فإذا ثبت هذا، فمن كان له رقبة ويقدر على إعتاقها وهو غير محتاج إليها لزمه العتق، ولا يجوز له أن يصوم، وإن لم يجد الرقبة لكنه وجد ثمنها وقدر على شراها فعليه أن يشتريها، ولا يجوز له أن يصوم، وإن وجد رقبه وهو محتاج إليها لخدمته أو وجد ثمنها وهو محتاج إليه لنفقته وكسوته لا يلزمه العتق، ويجوز له الصوم، و فيه خلاف.
فإذا ثبت هذا فإن كان له مسكن يسكنه، وثوب يلبسه، فلا يلزمه بيعه، لأنه لا بد لكل واحد من ذلك، وإن كان له خادم فإن كان زمنا أو مريضا أو ضعيف فهو محتاج إليه، وكذلك إن كان رفيع الحال لم تجر عادته أن يخدم نفسه.
فأما إذا كان من أوساط الناس الذين يخدمون أنفسهم قيل فيه وجهان أحدهما أنه غير محتاج إليه ويلزمه إعتاقه لأنه يمكنه أن يخدم نفسه، والوجه الثاني، أنه محتاج إليه، لأنه ما من أحد إلا ويحتاج إلى خادم يخدمه، والأول أحوط.
فأما إذا كانت له دار رفيعة يمكنه بيعها ويشتري ببعضها دارا هي سكنى مثله أو كان له خادم رفيع القيمة يمكنه بيعه ويشتري ببعض ثمنه خادما يخدمه، لزمه فعل ذلك ويشتري بالفضل رقبة يعتقها، ولا يجوز له التكفير بالصيام، لأنه غير محتاج