(فصل) * (في باب الحيل) * الحيل جائزة في الجملة بلا خلاف، إلا بعض الشذاذ، فإنه منع منه أصلا وإنما أجزناه لقوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام (بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون (١)) لما سألوه (من فعل هذا بآلهتنا) وإنما قصد بذلك إن كانوا ينطقون فعلقه بشرط محال، ليعلم بذلك أن الفعل منهم محال، ومن كان كذلك لا يستحق العبادة.
وقال الله تعالى ﴿وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث﴾ (2) فجعل تعالى لأيوب مخرجا فيما كان حلف عليه، وهكذا رواه أصحابنا.
وروى سويد ابن حنظلة قال خرجنا ومعي وائل ابن حجر يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه أعداء له فتحرج القوم أن يحلفوا وحلفت بالله أنه أخي فخلى عنه العدو فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقال: صدقت المسلم أخو المسلم، فأجاز عليه السلام ما فعله سويد، وبين له صواب قوله فيما احتال به، ليكون صادقا في يمينه.
فإذا ثبت هذا فإنما يجوز من الحيلة ما كان مباحا يتوصل به إلى مباح، فأما فعل محظور ليصل به إلى المباح فلا يجوز، وقد أجاز ذلك قوم.
فالمحظور الذي لا يجوز فمثل ما حكى ابن المبارك عن أبي حنيفة أن امرأة شكت إليه زوجها وآثرت فراقه فقال لها ارتدي فيزول النكاح وإن كان بعد الدخول وحكي عنه في قصة أنه قال لزوج المرأة قبل أمها بشهوة فإن نكاح زوجتك ينفسخ.
وقال النضر بن شميل: في كتاب الحيل ثلاثمائة وعشرون مسألة أو ثلاثمائة وثلاثون مسألة كلها كفر، يعني من استباح ذلك كفر.