وأما إذا كان غايبا وقت الولادة، فإن سمع الخبر وتمكن من المسير مثل أن يكون الطريق مسلوكا فإنه يلزمه أن يأتي وينفي الولد، إن أراد النفي، فإن لم يفعل بطل نفيه.
وإن لم يكن الطريق مسلوكا واحتاج إلى بدرقة أو رفقة كان معذورا في التأخير إلى أن يتمكن من المسير، فإذا تمكن ولم يسر بطل نفيه، وإن تمكن من الإشهاد على نفيه في موضعه لزمه ذلك، فإن لم يفعل مع القدرة عليه بطل نفيه كالحاضر المعذور إذا لم يشهد، ومع القدرة على المسير لا يكفيه الإشهاد، وإنما يكفيه إذا لم يقدر على المسير.
وإذا حضر هذا الغائب من سفره وقال لم أسمع بأنها ولدت، كان القول قوله مع يمينه لأنه يمكن، ويحلف وله النفي بعده، وإن قال سمعت لكني لم أصدق قلنا ينظر فإن كان في موضع لم يتصل به خبر ولادتها على التواتر، وإنما يتصل من جهة الآحاد، فالقول قوله، ولا يبطل نفيه، لأن النفي قد ثبت فيجوز أن يتوقف فيه ولا يسرع إليه لينظر تحقق العلم، وأما إذا كان الخبر قد اتصل وتواتر بذلك الموضع، فقال لم أصدق، لم يقبل قوله لأنه يدعي خلاف الظاهر، فإن العلم ها هنا يحصل لا محالة.
إذا ظهر بالمرأة حمل فلم ينفه وسكت حتى وضعت، ثم قال إنما لم أنف حتى أتحقق، كان له النفي لأن قبل الولادة الأمر متردد بين أن يكون حملا وبين أن يكون ريحا، فإذا قال علمت بالحمل لكن لم أنف الولد، رجاء أن يسقط أو يموت ولا أحتاج إلى النفي فأستر عليها وعلى نفسي، فإن نفيه يبطل، لأن تحت هذا الاقرار رضا منه بترك النفي، وانتظار الانتفاء من جهة أخرى.
إذا أتت المرأة بولد فهنئ بالمولود، فإن أجاب بما يتضمن رضا بالمولود كان إقرارا، وإن لم يتضمن جوابه رضا لم يكن إقرارا، وهو أن يقول بارك الله لك في مولودك، جعله الله لك خلفا، فإن قال آمين أو قال أجاب الله دعاك أو ما أشبه ذلك