قال المقذوف بل قذفت في حال إفاقتك وعليك حد، هذا إذا قامت البينة بالقذف ثم ادعى ما ذكرناه، فأما إذا أقر بالقذف ثم ادعى أن ذلك كان في حال جنون فإنه لا يقبل منه، لأنه رجوع عما أقر به.
فإذا ثبت هذا فإن البينة إذا قامت بذلك ثم ادعى ما ذكرنا ففيه مسئلتان إحداهما أن لا يعرف للقاذف حالة جنون، والثانية أن يعرف له حال جنون.
فإن لم يكن يعرف له حال جنون فالقول قول المقذوف، لأنه قد ثبت بالبينة أن قذف وما يدعيه القاذف من الجنون لم يعلم، فالظاهر موافق لما يدعيه المقذوف فكان القول قوله مع يمينه فإذا حلف لزم القاذف الحد.
وأما إذا علم له حالة جنون وحالة إفاقة فإن قذف في حالة جنونه لم يلزمه الحد وإن قذف في حال إفاقته لزمه الحد، وإن شك في أمره فلم يدر هل قذف في حال إفاقته أو في حال جنونه فاختلفا، فالقول قول القاذف، وفي الناس من قال القول قول المقذوف، والأول أصح، لأنه ثبت له حال إفاقة وحال جنون وإذا احتملا فالأصل براءة الذمة عن القذف، فلا يلزمه الحد مع الشك، ولأن الحدود تدرء بالشبهات.
الأخرس على ضربين أحدهما أن لا يكون له إشارة معقولة، ولا كناية مفهومة والثاني الذي له إشارة معقولة أو كناية مفهومة.
فإذا لم يكن له إشارة معقولة ولا كناية مفهومة، فلا يصح قذفه ولا لعانه ولا نكاحه ولا طلاقه، ولا شئ من عقوده، لأنه لا يفهم ما يريده بلا خلاف. وأما الأخرس الذي له إشارة معقولة أو كناية مفهومة فإنه بمنزلة الناطق في سائر الأحكام، فيصح قذفه ولعانه ونكاحه وطلاقه وسائر عقوده، وقال قوم لا يصح قذفه ولا لعانه، وأما طلاقه ونكاحه ويمينه وعقوده فإنها تصح، فمتى حكمنا بأنه يصح لعانه وقذفه فمتى قذف ولاعن ثم انطلق لسانه فقال ما كنت لاعنت، قبل رجوعه فيما عليه، ولا يقبل فيما له.
فإذا ثبت هذا فاللعان يتعلق به أربعة أحكام: سقوط الحد، وانتفاء الولد، و