ذلك إن دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت أمك فأنت طالق، وقع.
والفصل بينهما أن اليمين ما منع نفسه بها فعل شئ أو ألزم نفسه بها فعل شئ فإن قال والله ما دخلت الدار فقد منع نفسه من الدخول، ولو حلف والله لأدخلن الدار أوجب على نفسه بها فعلا، وما لم يمنع عن شئ، ولا يمتنع عن شئ فليس بيمين، وقوله (إذا طلعت الشمس فأنت طالق) لا يمنع الشمس طلوعها، ولا يوجب عليها طلوعا فلم يكن يمينا فلم يقع الطلاق، وقوله (إن دخلت الدار فأنت طالق) يمين بالطلاق، فلهذا وقع الطلاق.
وإن قال إن قدم أبوك فأنت طالق، كان هذا يمينا لأنه يمنع أباها أن يقدم ليمينه، ولو قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، ثم أعاد هذا فقال: إن حلفت بطلاقك فأنت طالق طلقت لأن قوله إن حلفت بطلاقك فأنت طالق يمين بالطلاق فإنه يمنع نفسه بهذه اليمين من طلاقها، فإن أعاد هذا مرة أخرى طلقت أخرى فإن عاد ثالثة طلقت أخرى لأنه كلما أعادها فهي يمين.
فإن قال لها أنت طالق مريضة أو مريضة طلقت فيهما إذا مرضت وهكذا لو قال وجعة أو وجعة وقع عليها إذا صارت وجعة ويكون النصب على الحال، فكان معناه: أنت طالق على هذه الصفة، ويكون معنى الرفع أنت طالق وأنت مريضة، يعني إذا مرضت فإن كان نحويا فقال أنت طالق مريضة نصبا لم تطلق حتى تصير مريضة، فإن قال ذلك بالرفع وقعت في الحال لأن معناه وأنت مريضة، فقد أخبر عن مرضها، فتطلق صادقا كان أو كاذبا.
فإن قال نويت إذا مرضت، كان القول قوله، وعندنا إن القول قوله على كل حال، فإن نوى الإيقاع في الحال وقع، وإن نوى الشرط بطل لما قلناه.
فإن قال أنت طالق إن دخلت الدار بكسر (إن) كان شرطا والمراد به الاستقبال سواء كان نحويا أو غير نحوي، لأنها للجزاء بلا خلاف، وإن نصبها فإن لم يكن نحويا فهي للاستقبال أيضا مثل المكسورة لأنه لا يفرق بينهما، وإن كان نحويا وقع الطلاق في الحال لأنه يعرف أن معناها أنت طالق، لأنك دخلت الدار، وأنه طلقها