(كتاب اللعان) اللعان مشتق من اللعن وهو الأبعاد والطرد، يقال لعن الله فلانا يعني أبعده وطرده فسمي المتلاعنان بهذا الاسم لما يتعقب اللعن من المأثم، والإبعاد والطرد، فإن أحدهما لا بد من أن يكون كاذبا فيلحقه المأثم، ويتعلق عليه الأبعاد والطرد.
يقال التعن الرجل إذا تفرد باللعان، ولاعن إذا لاعن زوجته وتولى هو اللعان ولاعن الحاكم بين الزوجين إذا تولى الملاعنة، والتعنا وتلاعنا إذا فعلا اللعان، ويقال رجل لعنة بتحريك العين إذا كان يلعن الناس، ورجل لعنة بتسكينها إذا كان يلعنه الناس، ومنه قوله (عليه السلام) اتقوا الملاعن يعني اتقوا البول على ظهر الطرقات لأن من فعل ذلك لعنه الناس.
فإذا ثبت هذا فثبوت حكمه في الشرع بالكتاب والسنة قال الله تعالى " والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم " (1) إلى آخر الآيات، فذكر تعالى اللعان وكيفيته وترتيبه.
وروى الزهري عن سهل بن سعد الساعدي أن عويم العجلاني وقيل عويمر أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلا أيقتله فيقتلونه أم كيف يصنع؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله) قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك، فأت بها، فجاء بها فتلاعنا وأنا حاضر عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما تلاعنا قال: يا رسول الله إن أمسكتها فقد كذبت عليها فطلقها، قال ابن شهاب فكانت تلك سنة المتلاعنين.
وروى عكرمة عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف زوجته عند رسول الله بشريك بن السحماء فقال النبي (صلى الله عليه وآله) البينة وإلا حد في ظهرك، فقال: يا رسول الله يجد أحدنا مع امرأته رجلا يلتمس البينة؟ فجعل رسول الله يقول البينة وإلا حد في ظهرك، فقال: والذي بعثك بالحق إنني لصادق، وسينزل الله في ما يبرئ به