ولم يعتبر أكثرهم ادعاء المشاهدة، أجازوا اللعان بمجرد القذف وعندنا أن الأعمى لا يصح منه اللعان بمطلق القذف إلا بنفي الولد، وعند جميع المخالفين يصح.
ليس يخلو حال المرأة من أحد أمرين إما أن تكون حائلا أو حاملا، فإن كانت حائلا فلها حالتان: حالة يجوز فيها قذفها ولعانها، وحالة يحرم ذلك فيها.
فالحالة التي يجوز ذلك فيها هو أن يتيقن زناها عنانا بالمشاهدة أو غيرها مما يعلم به نفي الولد، ولا يعمل على غلبة الظن، وقال بعضهم أو يغلب على ظنه ذلك بأن يخبره ثقة فيسكن إلى قوله إنها زنت، أو استفاض في الناس أن فلانة تزني بفلان ووجد ذلك الرجل عندها، ففي هذه المواضع يجوز له أن يقذف ويلاعن، لأنه غلب على ظنه ذلك، ولا يجب بل يجوز أن يترك ويمسكها، على ما اعتبرناه من المشاهدة لا يجوز له اللعان في شئ من هذه المواضع.
وأما الحالة التي يحرم فيها لعانها وقذفها، فهو إذا كانت الحال مستقيمة، فلا يعلم أنها زنت، ولا يخبر بذلك غيره، فإن فعل فقد أتى بمعصية كبيرة، وكذلك إذا أخبره من لا يثق بقوله عندهم أو لم يستفض.
وأما الحامل فلها ثلاثة أحوال: حالة يجب فيها القذف واللعان، وحالة يحرم ذلك فيها، وحالة مختلف فيها.
فالحالة التي يجب فيها القذف واللعان فهو أن يعلم زناها في طهر لم يجامعها فيه، ويظهر بها حمل يمكن أن يكون من ذلك الزنا فيلزمه أن يقذف ويلاعن وينفي النسب، لأنه متى سكت ولم ينف النسب استلحق نسبا ليس منه وذلك لا يجوز.
وأما الحالة التي يحرم فيها، فهو أن يكون الحال مستقيمة لم يظهر على المرأة الزنا، وأتت بولد يمكن أن يكون منه، فلا يجوز له أن يقذف ويلاعن وينفي النسب، لأن النسب لاحق به في الظاهر، وليس هناك ما يدل على نفيه منه لقوله (عليه السلام) أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شئ ولن يدخلها جنة، وأيما رجل نفي نسب ولده وهو ينظر إليه احتجب الله عنه وفضحه على رؤس الأولين والآخرين.