إذا قال لزوجته إن وطئتك فأنت طالق ثلاثا، فعندنا أن هذا باطل لا يتعلق به حكم، وعندهم أنه حلف بالطلاق الثلاث لا وطئها، فمنهم من قال يكون موليا ومنهم من قال لا يكون لأنه ما حلف بالله.
فمن قال يكون موليا تربص أربعة أشهر ثم يوقف، فإما أن يفئ أو يطلق فإن طلق طلقة وفاها حقها لهذا التربص، لأن الذي عليه الفيئة أو الطلاق، فإذا أوقعه فقد وفاها حقها.
ثم ينظر، فإن لم يراجعها بانت بانقضاء العدة، وزالت الزوجية، وسقط حكم الإيلاء، وإن راجعها عادت زوجة، واليمين قائمة، يضرب له مدة أخرى فإذا انقضت وقف فإن طلق طلاقا رجعيا فالحكم على ما مضى، ثم يضرب له مدة أخرى، فإذا انقضت وطلق فقد استوفا عدد الطلاق، وعلى هذا كل إيلاء يتصل مدته على وجه يمكن التربص كلما طلق وراجع، فهكذا يفعل حتى يستوفي الطلاق.
هذا إذا طلق وأما إن اختار الفيئة، فهل له ذلك أم لا؟ قال قوم الصحيح أن له ذلك، وقال بعضهم لا يجوز له الفيئة، لأنه إيلاج يتعقبه التحريم، بدليل أنها تطلق بالتقاء الختانين ثلاثا، وكل إيلاج يتعقبه التحريم يكون محرما، كما لو بقي من زمان الليل في رمضان قدر ما يولج فيه فقط ثم يطلع الفجر عقيبه، كان الإيلاج محرما لأن التحريم يتعقبه.
ومن قال بالأول قال لأنه إيلاج صادف حال الإباحة قطعا لأنه يوافق زوجية كاملة فهو مباح، حتى يلتقي الختانان ثم ينزع، والنزع ترك وليس بجماع، بدليل أنه لو وافاه الفجر مجامعا فوقع النزع والطلوع معا انعقد صومه، ولا كفارة.
ويفارق ما قالوه من الإيلاج آخر الليل، لأن المنع هناك من طريق غلبة الظن لأنا لا نعلم قدر ما بقي من الليل، فلا نأمن أن يوافق الإيلاج زمان الطلوع، فلهذا منع منه.
فإذا تقرر هذا فالتفريع على هذا، فإذا اختار الإيلاج فأولج فإذا غابت الحشفة وقع الطلاق الثلاث لوجود الصفة، وعليه النزع، ولا يحل له المكث، ولا الحركة