الأول والثاني معا إلا أنه إنما يلتعن في التحقيق للثاني وعلى الوجوه كلها لا خلاف أنه يلاعن.
فأما إذا ادعت المرأة عليه أنه قال لها يا زانية فقال ما قلت يا زانية وليست بزانية، ثم قامت البينة عليه بأنه قال لها ذلك، فإنه يكذب نفسه، ولزمه الحد لقيام البينة، وليس له أن يلاعن، لأنه قد تقدم منه الاقرار بأنها ليست بزانية فليس له أن يحقق كونها زانية بأن يلتعن مع تقدم إنكاره لها.
ومثل هذا إذا ادعى على غيره بأنه أودعه وديعة فقال مالك قبلي حق فأقام البينة أنه أودعه، فقال صدقت البينة، قد كان أودعني، لكن تلفت، فالقول قوله فلا يلزمه شئ لأنه إنما جحد أن يكون قبله حق والبينة شهدت أنه أودعه وقد يودعه شيئا فيتلف في يده، فلا يكون له قبله حق، فلم يكن في ذلك ما ينافي البينة.
فأما إذا ادعى أنه أودعه فقال ما أودعني، ثم قامت البينة أنه أودعه فقال:
بلى كان أودعني وتلفت، فإنه لا يقبل قوله، ويلزمه الضمان، لأنه نفى أن يكون أودعه، وقد قامت البينة عليه بالإيداع، فثبت كذبه فيما قاله، وخرج عن كونه أمينا فلزمه الضمان.
إذا قال الصبي لزوجته يا زانية، لم يكن ذلك قذفا ولا يلزمه به الحد بلا خلاف لقوله (صلى الله عليه وآله): رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم، فإن بلغ وأراد أن يلاعن لم يكن له ذلك، لأن اللعان إنما يكون لتحقيق القذف، وقد بينا أنه لا قذف له.
إذا طلق زوجته طلقة رجعية ثم قذفها في حال عدتها لزمه الحد، وله إسقاطه باللعان، لأنه في حكم الزوجات، ولو أبانها أو فسخ أو خلع ثم قذفها بزنا أضافه إلى حال الزوجية فالحد يلزمه، وهل له إسقاطه باللعان أم لا فعندنا وعند قوم إن لم يكن هناك نسب لم يكن له أن يلاعن، وإن كان هناك نسب كان له أن يلاعن وفيه خلاف.