(كتاب الإيلاء) الإيلاء في اللغة عبارة عن اليمين عن كل شئ، يقال آلى يولي إيلاء، فهو مول، والألية اليمين، وجمعه ألايا، ومنه قول الشاعر:
فآليت لا آتيك إن كنت محرما * ولا أبتغي جارا سواك مجاورا ويقال تألى يتألى تأليا فهو متأل، ومنه قوله (تألى أن لا يفعل خيرا) يعني حلف، ويقال أيضا ائتلي يأتلي ائتلاءا فهو مؤتل، ومنه قوله تعالى ﴿ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أو يؤتوا أولي القربى﴾ (1) يعني لا يحلف.
هذا وضعه في اللغة وقد انتقل في الشرع إلى ما هو أخص منه، وهو إذا حلف ألا يطأ امرأته، والأصل في ذلك كتاب الله وإجماع الأمة، قال الله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم). (2) فأخبر عن حكم من حلف لا يطأ زوجته، فأخبر أنه يتربص أربعة أشهر، فإن فاء يعني جامع فإن الله يغفر له، وإن عزم الطلاق فإن الله يسمع ذلك منه، ولا خلاف بين الأمة في ذلك، وإنما الخلاف في أعيان المسائل.
فإذا ثبت ذلك فاختلف الناس في الإيلاء الشرعي على أربعة مذاهب فالذي يقتضيه مذهبنا هو أن يحلف لا يطأها أكثر من أربعة أشهر، وإن حلف على أربعة أو دونها لم يكن موليا، وحكي عن ابن عباس أنه قال هو أن يحلف لا يطأها أبدا، فإن أطلق فقد أبد وإن قال على التأبيد فقد أكد.
وقال جماعة إذا حلف لا وطئها أربعة أشهر كان موليا، وإن كان أقل لم يكن