لأن الكفارة المخيرة بأي شئ كفر منها حكمنا بأنه هو الواجب، فتعين ذلك بالفعل عندهم، وعندنا أن الثلاث واجبة على التخيير.
فإذا ثبت هذا فلا خلاف أنه إذا قال أعتقت عنه هذا العبد، فإن المعتق عنه يملكه، ثم يعتق في ملكه، لكن متى يحصل له الملك؟ منهم من قال إذا قال أعتق عني فقال أعتقت، تبينا أنه ملكه بقوله أعتق عني، ومنهم من قال إنه يملكه بشروعه في لفظ الإعتاق وقال آخرون إذا قال أعتقت هذا العبد عنك، فإنه يملكه ويعتق عنه في ماله، وهكذا القول إذا اشترى من يعتق عليه، فإن العتق والملك يحصلان في حالة واحدة.
والأقوى أن يقال إنه إذا قال أعتقت هذا العبد فإنه يملكه عقيب هذا القول ثم يعتق بعد ذلك بلا فصل، وكذلك إذا اشترى من يعتق عليه، فإنه يملكه بالفراغ من البيع، ويعتق عليه بلا فصل.
وهيهنا مسألة تشبه هذه المسألة وهي أن الرجل إذا قدم إلى غيره طعاما وقال كله، فإذا أكله يأكله مملوكا لكن متى يملكه؟ قيل فيه ثلاثة أقوال أحدها بالتناول والثاني بوضعه في فيه، والثالث بالابتلاع.
فمن قال يملكه بالتناول جاز أن يلقم غيره، ومن قال بغير ذلك لم يجز والأقوى أن يقال ها هنا يملكه بالتناول.
إذا كان لرجل عبد فغصبه غاصب فأعتقه صاحبه عن كفارته وهو في يد الغاصب لم يجزه، لأن القصد من الإعتاق تمليك المعتق منفعة نفسه، فإذا أعتقه في يد الغاصب فما ملكه منفعة نفسه، فإن الغاصب يحول بينه وبين ذلك، ويقوى في نفسي أنه يجزي لأنه ملكه وعموم الأمر بالإعتاق يتناوله.
إذا كانت له أمة حامل بمملوك فأعتق حملها من كفارته لم يجزه، لأنه مشكوك في وجوده بلا خلاف، والعتق ينفذ فيه عندهم لأنه مملوك ولا يسري العتق إلى الأم لأن الولد تابع لها، ولا يسري العتق من التابع إلى المتبوع، فأما إذا أعتق الأم فإن عتقها ينفذ، ويجزي عن الكفارة لأنها مملوكة له، ويسري العتق منها إلى الولد