إذا قال لها أنت أزنا الناس فلا يكون قذفا بظاهره، لأنا نتحقق أنها لا تكون أزنا الناس كلهم فإن الناس كلهم لا يكونون زناة، فإن قال أردت أنها أزنا من الناس كلهم، قلنا له فسرت كلامك بأمر محال، ويسقط حكمه، وإن قال أردت أنها أزنا من زناة الناس فقد قذفها وقذف جماعة غير معينين فعليه الحد لزوجته، وله إسقاطه باللعان وقذفه لقوم غير معينين لا شئ فيه، فإذا لم يعين المقذوف لم يلزمه شئ.
إذا قال لزوجته أو أجنبية يا زان كان قاذفا عند جميع الفقهاء إلا داود، قالوا لأن الكلام إذا كان مفهوم المعنى لزم المتكلم حكمه، وإن كان لحنا، كما لو قال رجل لامرأته زنيت بالفتح، أو قالت امرأة لرجل زنيت بالكسر، أو قال لفلان على مائة درهم بالضم أو عشرون درهم بالكسر، وقال بعضهم يكون ذلك ترخيما وليس بصحيح لأن الترخيم يدخل على أسماء الأعلام دون الصفات المشتقة من الأفعال.
ويقوى في نفسي أن ذلك لا يكون قذفا كما قال داود إن كان من أهل الأعراب وإن لم يكن من أهله فالأمر على ما قاله الفقهاء.
إذا قالت امرأة لرجل يا زانية زوجها كان أو أجنبيا، كانت قاذفة عند الأكثر وقال بعضهم لا يكون قاذفة وهو الأقوى عندي.
إذا قال رجل لرجل زنأت في الجبل، فظاهر هذا أنه أراد صعدت في الجبل فلا يكون صريحا في القذف بل يحمل على الصعود، فإن ادعى المخاطب بذلك أنه أراد القذف فالقول قول القاذف مع يمينه، فإن حلف فلا شئ عليه، وإن نكل ردت اليمين على المقذوف فيحلف لقد أراد القذف ويحد له حد القاذف وفيه خلاف.
وإن قال زنأت ولم يقل في الجبل، قال قوم هو الصريح في القذف لأنه تعري عن قرينة الجبل، وقال بعضهم ينظر في المتكلم، فإن كان عرافا باللغة لم يكن قاذفا وإن لم يكن عارفا كان قاذفا، لأن العامة لا تفرق بين الموضعين وهو الأقوى عندي.
إذا قال لزوجته زنيت وأنت صغيرة ففيه مسئلتان أحدهما أن يفسر ذلك بما لا يحتمل القذف فيقول زنيت ولك سنتان أو ثلاث فيعلم كذبه، لأن ذلك لا يتأتى منها ولا يلزمه بذلك حد ولا تعزير قذف، لكنه تعزير سب وشتم، وليس له إسقاطه باللعان.