خروجه عن الاجتهاد ودقة المجتهدين في فهم الأحاديث.
الثالث: عدم التفاتهم إلى أن " اليقين " و " الشك " في الروايات من العناوين والمفاهيم، وهما هنا لا يوصفان بالطريقية والموضوعية، ولا بالزمان، لأن الفعل المضارع فارغ منه، وتفصيله في محله (1)، وإن كان الفعل الماضي منصرفا إليه.
الرابع: أن " اليقين " أو " هو على يقين " ليس من المشتقات الجارية فيها النزاعات، لأن وضع اليقين شخصي لا نوعي، وليس هو مثل العلم كما أشير إليه (2)، إلا أنه لمكان الاستدلال بالأمر التعبدي - مع أنه غير وجيه - يعلم أن الشرع بصدد ضرب القانون أو القانونين النافعة في المسائل الحقوقية والاجتماعية والفروع الفقهية والأصولية، كما ترى في هذين المعتبرين، وفي الأخبار السابقة.
فاجتماع قاعدة اليقين والاستصحاب تحت العنوان الفريد والمفهوم الوحيد على التقريب المذكور، ممكن جدا، ولا وجه لصرف الأدلة إلى أحدهما إلا فهم الأعلام واشتهار الاستصحاب بين المسلمين. بل اختصاص الحجية بالاستصحاب خلاف الاعتبار، لاشتهاره بينهم، مع اشتراك القاعدة معه في أساس السبب المنتهي إلى اعتبار الحجية، فلعل التعبير المذكور سيق لإفادتهما.
وعندئذ يعلم: أن إسناد النقض إلى اليقين، أو المضي عليه، أو قوله (عليه السلام): " إن اليقين لا يدفع بالشك " كله صحيح، لأن المسند إليه عنوانه لا مصداقه، ضرورة انتفاء مصداقه في الاستصحاب والقاعدة.
ومما يؤيد أن المسألة خارجة عن قضية المشتقات: أن ظرف الإجراء مسكوت عنه، لجواز أن يقال: " فإن الشك لا ينقض اليقين الذي كنت عليه، والآن