وأما حمل كلمة " لا " الواردة على المصدر على النفي، لوجود القرينة، ولاقتضاء الجملة، فهو مما لا بأس به، وذلك مثل قوله تعالى: * (لا تثريب عليكم اليوم) * (1) فلا ينبغي الخلط بين الجمل وموارد الاستعمال واقتضاء القرائن.
ولو قيل: لو كانت كلمة " لا " الداخلة على " الضرار " في قصة سمرة ظاهرة في النهي، فلا يبعد كونها قرينة على أن الداخلة على " الضرر " أيضا نهي، كما لو دخلت على عنواني " الوضوء " و " الغسل " فإنهما الاسمان من التوضؤ والاغتسال، و " الضرر " اسم من " الإضرار " أو " المضارة " وإن لم تصرح به اللغة، إلا أنه محرر في الصرف: أن أسماء المصدر تأتي من الأفعال المزيد فيها عادة ونوعا، كما مر الإيماء إليه.
وقد صرح في " تاج العروس " - بعد قول " القاموس ": " وضاره مضارة وضرارا " (2) - بقوله: " بالكسر، والاسم الضرر " (3) انتهى.
فلو كان اسما من " الضر " فالأظهر كون " لا " نفيا، لوجود القرينة بعد وروده أحيانا كما مر. فبالجملة في الكلام قرينة على كون الأولى أيضا نهيا.
قلنا: لا مرجح لكون الأولى مرجحة، أو الثانية مرجحة، إلا أن مناسبة القضية تقتضي النهي، مع أقوائية ظهور الثانية من الأولى كما لا يخفى، فإن طبع المصدر الداخلة عليه كلمة " لا " يقتضي كون كلمة " لا " نهيا بحسب الجد، ونفيا صوريا.
فعلى هذا يرتفع الاجمال، وتصير النتيجة كونها للنهي في الأولى بلا إجمال.
وقد مر أنه بحسب الاستعمال يقتضي الخبر (4)، إلا أن مع كون الجد نهيا يتبين الخبر،