ووجه كون الجملة الأولى نهيا كما عرفت (1)، ووجه اختصاص القاعدة بالضرر غير المتدارك.
وأظهر فسادا من الكل الأخير وما في " الكفاية " فإن معنى نفي الحكم بلسان نفي الموضوع: هو أن يكون العنوان المنفي موضوعا لحكم، فيرفع بداعي الانتقال إلى عدم وجود الحكم، كما إذا قيل: " لا سهو في النافلة أو في الإعادة " أو غير ذلك، فإن كلمة " السهو " و " الشك " موضوعة للحكم في الشريعة، فيرفع الموضوع كي يتوجه المخاطب والمكلف إلى المقصود، وأما نفي الضرر فإن كان الضرر له حكم، فنفيه بداعي نفي ذلك الحكم صحيح، وأما نفي الضرر بداعي نفي الحكم عن الموضوع الطارئ عليه الضرر، أو الموجب له كالوضوء والغسل، فهو في غير محله، وغفلة جدا.
وأسوأ حالا ما عن بعض أعيان الفضل: من أنها قاعدة مشرعة جابرة فقط (2)، لا مشرعة على الإطلاق، ولا رافعة ناهية، ولا دافعة نافية بنفي حقيقي أو ادعائي ضرورة أن سكوتها عن أصل الإضرار والمضارة غلط، لتعرضها لمنع الضرر الاسمي، سواء كان المضر نفس الاسلام والشريعة الإسلامية على الإطلاق حسب الظاهر، من غير فرق بين أن تكون تلك الشريعة نفس الأحكام التكليفية المعتبرة بين الخالق والخلق، أو الشريعة والأحكام الوضعية المعتبرة بين الخلق بعضهم بالقياس إلى بعض، كقاعدة السلطنة، أو الأعم منها ومن الإلزام بجبران الضرر المتوجه من ناحيته إلى واحد من الناس، أو غيرهم كالجهات العامة، ومن الإلزام وإجبار المكلف - بل وتلك الجهات - بجبران الضرر المتوجه إلى واحد من الناس، أو غيرهم كالحكومة الإسلامية، والجهات، والطرق والشوارع، والأوقاف.