نعم، لا بأس بالالتزام بحذف كلمة أخرى غير دخيلة فيما هو المهم، ضرورة أنه بعد فهم تحريم المضارة، لا بد وأن يكون هناك مكلف، وشئ يصدق عليه عنوان " الضرار " سواء كان مكلفا، أو غير ذلك. وأما تحقيق معنى " الضرار " فهو يأتي من ذي قبل (1)، فإن المنظور هنا حل مشكلة ذكرناها، فلا ينبغي الخلط.
فمعنى " لا ضرار " أي أن الإضرار مبغوض مثلا، وعلى المسلمين والأمة الاتباع، بأن لا يضر ولا يحدث الضرر، سواء كان طرفه الانسان أو غيره، وسواء كان من باب المفاعلة، بأن أتلف ماله بحذاء إتلاف المال، أو بمعنى الإضرار.
فعلى هذا، تختلف الجملتان، فإن الأولى نفي حقيقي أو ادعائي، ولكنه مجمل، والثانية نفي صوري. وملاك ذلك أنه في الأولى لا يكون نهي، لما لا تطرأ على مادة " الضرر " صيغة النهي، أي لا يصح أن يقال: " لا تضرر " وأما " لا تضر " فهو نهي، ومادته " الضر " ولا يتكرر " الراء " وفي الثانية نهي واقعي جدي، لدخولها عليها فيقال: " لا تضار ".
وعندئذ تصبح الأولى مجملة، لحذف الخبر الدخيل في معناها، والثانية مبينة واضحة، وحذف المتعلق دليل العموم، أي " يا أيها الانسان لا تضار شيئا، سواء كان إنسانا أو غير انسان، مسلما أو غير مسلم " ونتيجة ذلك عدم لزوم التكرار أيضا في كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما يأتي إن شاء الله تعالى (2).
وفي كثير من الأخبار المضبوطة في المفصلات - ولا سيما " تهذيب الأصول " لوالدي المحقق (3) - مد ظله - و " الرسائل " (4) له أيضا - شهادة على أن " الإضرار،