جدال في الحج) * (1) وأمثال ذلك مما مر الواردة في الأحاديث الكثيرة.
وأما هيئة " الضرار " فهو مصدر، وإذا دخلت عليه كلمة " لا " فالأشبه أنها نفي تفيد النهي ولو كانت هيئة المفاعلة للطرفين وضعا أو غالبا، ولكنها كثيرا ما استعملت في طرف واحد، وقد تحرر تحقيقه في تعريف البيع: " مبادلة مال بمال " (2) ويكفينا صراحة اللغة في أنها هنا بمعنى الإضرار (3)، كما هو كذلك في كثير من موارد الاستعمال في الكتاب والسنة. ومجرد اقتضاء المناسبة أن الضرر نفي على الإطلاق على وجه يشمل الإضرار، والضرار نهي بعنوان المقابلة، كي يسد باب الإتلاف في الأموال، أو التحريج والتضييق في النفوس، لا يكفي.
مع أن قوله تعالى: * (العين بالعين والأنف بالأنف) * (4) شاهد على خلافه، ولعله يأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.
فبالجملة: إذا قال صاحب شريعة في موقف: " اليوم لا إكرام " أو " لا ضرب " أو " لا إقامة " أو " لا قتل " أو * (فلا رفث ولا فسوق...) * إلى آخره وهكذا، لا يستفاد منه إلا النفي بداعي الانتقال إلى النهي، وإذا كان من قبل المولى والنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يستفاد منه ممنوعية ذلك، نظرا إلى أن نفي المصدر لا معنى له إلا النهي عن تلك المادة المشتركة بين المصدر والمشتق، ولا إجمال عندئذ، لأن معنى " لا ضرار " واضح، أي " لا يصح ولا يجوز أن يضر أحد أحدا " ولو كان الكفار مشتركين معنا في الفرعيات والتكاليف يشملهم ذلك. والخبر المحذوف - بحسب الاستعمال - لا يجوز أن يكون كلمة " على مؤمن " كما ترى.