وأيضا: ليس لأجل ترك التعلم، فإنه - مضافا إلى ما مر من قصور الأدلة على وجوبه النفسي - خروج عن محل الكلام، لأنهم يقولون باستحقاقه العقوبة على الإخلال بالواجب، نظير قول العلامة النائيني (رحمه الله) وبعض آخر من إنكار الاستحقاق أو صحة العمل مثلا (1)، فإنه خضوع في مقابل الإعضال والإشكال.
وبالجملة: ما ذهب إليه " الكفاية " من صحة العمل (2)، غير تام، لاحتياجها إلى الأمر، والمفروض أن المأمور به هو التام، وكفاية الناقص ولو لم يكن مورد الأمر بلا دليل، فإن مقتضى أخبار المسألة أن ما أتى به هو المأمور به.
وإنكار الاستحقاق لأجل فقد الاجماع، أو لعدم كون المسألة شرعية، غير تام، لأن فقد الاجماع وإن كان يمكن الالتزام به، ولكن العقل والعقلاء بناؤهم على صحته.
وأما عدم كون المسألة شرعية، فهو وإن كان كذلك، ولكن يرجع إلى حكم شرعي، وهذا كاف لكشف الاجماع منه، كما لو ورد في النص استحقاق المكلفين للعقوبة على ترك التعلم، فإنه يعلم منه أن التعلم واجب، أو تركه حرام مثلا، فالإجماع هنا يكشف عن وجود الأمر الشرعي، وعصيانه والطغيان في مقابله بلا عذر موجب للعقاب، وهو عقلائي، وهو الجهل عن تقصير، كما هو الظاهر.
وهذا الأمر الثانوي الطولي الترتبي وإن انحلت به المشكلة، إلا أن الترتب مستحيل، وصغرى الترتب غير ممنوعة، سواء قلنا: بأنه في مورد وجود الأمرين المطلقين، أو قلنا هو في صورة حصول الأمر بعصيان الأمر الأول، سواء كان إطلاق