وأما القارن فقد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه ينحر هديه بعد بطلان الحج بمكة لا بمنى، لعدم سلامة الحج. ونقل في الدروس عن الشيخ علي بن الحسين بن بابويه وابنه الصدوق أنهما أوجبا على المتمتع بالعمرة يفوته الموقفان العمرة ودم شاة، ولا شئ على المفرد سوى العمرة.
ونقل الشيخ عن بعض الأصحاب (رضوان الله عليهم) قولا بوجوب الهدي للفوات مطلقا واحتج له برواية داود بن فرقد المتقدمة (1). وأجاب العلامة في المنتهى عنها بالحمل على الاستحباب، أي كون تلك الحجة مستحبة لا واجبة، والشيخ حملها على كون االفائت ندبا أو على من اشترط في حال احرامه، لرواية ضريس المتقدمة (2) حيث إنها مصرحة بأن المشترط تكفيه العمرة وغيره يحج من قابل. وقد اعترض هذا الحمل الثاني جملة من الأصحاب - منهم: العلامة في المنتهى والشهيد في الدروس - بأنه إن كان الحج واجبا لم يسقط وجوبه بالاشتراط حتى أنه لا يجب قضاؤه في العام القابل، وإن لم يكن واجبا لم يجب بترك الاشتراط. قال في المنتهي:
والوجه في هذه الرواية الثانية - وأشار بها إلى رواية ضريس - حمل إلزام الحج في العام القابل مع ترك الاشتراط على شدة الاستحباب. انتهى.
ثم إن العلامة في المنتهى بعد أن اختار حمل رواية داود بن فرقد على الحج المندوب - كما هو أحد احتمالي الشيخ - اعترض على نفسه، فقال: لا يقال: لو كان كذلك لما قال في أول الخبر: (وعليهم الحج من قابل إن انصرفوا إلى بلادهم) فإنه إذا كان الحج تطوعا لا يجب عليه الرجوع من