صدر المسألة (1).
أقول: لا يخفى أن ظاهر الخبر الأول مطلق لا تخصيص فيه بالعالم كما ذكره، لأن السؤال وقع عن متمتع وقع على أهله ولم يزر. وهو أعم من أن يكون عالما أو جاهلا أو ناسيا. فأجاب (عليه السلام بأنه ينحر جزورا. والعالم إنما ذكره (عليه السلام) باعتبار انثلام الحج وعدمه، وهو قرينة العموم الذي ذكرناه، فإن حاصل الجواب أن من فعل ذلك فعليه جزور، إلا أنه إن كان عالما فإنه يثلم حجه وإن كان جاهلا فلا. والخبر الثاني أيضا كذلك، فإنه شامل باطلاقه لأن يكون جماعه عمدا أو جهلا أو نسيانا. ومبنى الاستدلال بهاتين الروايتين على أن من جامع بناء على أنه قد طاف طواف الزيارة فعليه دم. وهو يرجع إلى من جامع ناسيا للطواف - كما هو أصل المسألة - وإن كان ذلك قبل الرجوع إلى بلاده. وحينئذ فقوله -: (ولأن المتبادر من الرواية الثانية وقوع الوقاع قبل الزيارة لا قبل الاتيان بالطواف المنسي) - من ما لا أعرف له وجها وجيها. وعلى هذا فيكون هذان الخبران مثل صحيحة علي بن جعفر المذكورة في كلامه، وإن كانت الصحيحة المذكورة أصرح، لدلالتها على حكم الناسي صريحا ودلالة الروايتين المذكورتين إنما هو من حيث الاطلاق.
وكيف كان فظاهر أصحاب القول المذكور حمل الروايات المذكورة على وقوع الجماع بعد الذكر لئلا تنافي القاعدة المقررة من عدم وجوب الكفارة على الجاهل والناسي، ولما تقدم من أن من جامع ناسيا لاحرامه فلا كفارة عليه، واجراء هذا الحمل في صحيحة علي بن جعفر المشار