بعد نقل تأويل الشيخ لخبر علي بن جعفر: ويرد على ما ذكره الشيخ (قدس سره) أن الخبر الذي أوله مفروض في نسيان الطواف والخبران الآخران وردا في حكم الجهل، فأي تناف يدعو إلى الجمع ويحوج إلى الخروج عن ظاهر اللفظ؟ مع كونه متناولا بعمومه المستفاد من ترك الاستفصال لطوافي العمرة والحج وطواف النساء. وقد اتفق في الإستبصار جعل عنوان الباب نسيان طواف الحج وايراد هذه الأخبار الثلاثة فيه، مع أن تأويله لحديث علي بن جعفر يخرجه عن مضمون العنوان، وليس في غيره تعرض للنسيان، فيخلو الباب من حديث يطابق عوانه، وفي التهذيب أورد الثلاثة في الاحتجاج لما حكاه من كلام المقنعة في حكم من نسي طواف الحج وأن عليه بدنة ويعيد الحج، وفي ذلك من القصور والغرابة ما لا يخفى. والجواب أن مبنى نظر الشيخ (قدس سره) في هذا المقام على أن الجهل والنسيان فيه سواء، وتقريب القول في ذلك أن وجوب إعادة الحج على الجاهل يقتضي مثله في الناسي، إما بمفهوم الموافقة، لشهادة الاعتبار بأن التقصير في مثل هذا النسيان أقوى منه في الجهل، أو لأن أعذار كل منهما على خلاف الأصل، لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه، فيبقى في العهدة، ولا يصار إلى الأعذار إلا عن دليل واضح. وقد جاء الخبران على وفق مقتضى الأصل في صورة الجهل، فتزداد الحاجة في العمل بخلافه في صورة النسيان إلى وضوح دليل، والتتبع والاستقراء يشهدان بانحصار دليله في حديث علي ابن جعفر، وجهة العموم فيه ضعيفة، واحتمال العهد الخارجي ليس بذلك البعيد عنه، وفي ذكر مواقعة النساء نوع إيماء إليه، فأين الدليل الواضح الصالح لأن يعول عليه في اثبات هذا الحكم المخالف
(١٧١)