ذينك الخبرين الأخيرين - ممكن وجائز، فيجب الحمل عليه جمعا بين الأدلة، وإلا فهذا الاحتمال أقرب قريب كما أوضحناه.
وثالثها - أن الرواية مقيدة بقوله: " إن شاء " فلا تدل على وجوب الخروج إلى مهل أرضه.
والجواب أنه لو تم ما ذكره للزم منه فساد الكلام واختلال النظام، وهو من ما يجل عنه كلام الإمام عليه السلام الذي هو إمام الكلام، وذلك فإنه متى جعل قوله: " إن شاء " قيدا للخروج إلى مهل أرضه يكون المعنى: إن له أن يتمتع فإن شاء أن يخرج إلى مهل أرضه خرج وإن لم يشأ فلا، ومفهومه دال على أن له أن يتمتع وإن لم يخرج إلى مهل أرضه. وهذا في البطلان أوضح من أن يحتاج إلى بيان، للزومه أن له أن يتمتع ولو من موضعه، فإن اطلاق هذا المفهوم يقتضي ذلك. وتقييده بأنه يخرج إلى مهل آخر من ما لا اشعار في الكلام به بوجه ولا إشارة فلينظر المنصف أنه هل الأولى الحمل على هذا المعنى المتعسف أو أن المراد يتمتع إن شاء أن يتمتع؟ كما هو المعنى الصحيح بل الصريح الذي لا يحتاج إلى تكلف وتصحيح.
ولا ريب أنه لو جاز فتح هذا الباب في الأخبار - من العدول عن المعاني الظاهرة السالمة عن التقدير والتكلف إلى الاحتمالات البعيدة والتكلفات الغير السديدة - لا نسد باب الاستدلال واتسعت دائرة الخصام والجدال، إذ لا قول إلا وللقائل فيه مقال، ولا دليل إلا وللمنازع فيه مجال.
وبالجملة فكلام هذا القائل لا وجه له عند الناظر بعين التحقيق والمتأمل في المسألة بعين الفكر الصائب الدقيق. والله العالم.
البحث السابع - اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في المدة التي ينتقل بها فرض المقيم بمكة إلى فرض أهل مكة، فالمشهور أنه بعد مضي سنتين