نعم. قلت: لأن الأجير ضامن للحج؟ قال: نعم ".
وظاهر الخبرين المذكورين أن الحجة الأولى مجزئة عن المنوب عنه، وبموجب ذلك يكون الأجير مستحقا للأجرة على هذا القول سواء كانت الإجارة مطلقة أو معينة، وقد عرفت على القول الأول استحقاقه الأجرة متى كانت الإجارة مطلقة، لوجوب الاتيان بالحج عليه، وأما مع التعيين فتنفسخ الإجارة فلا يستحق أجرة.
وبما ذكرناه يتضح ما في بناء المحقق ومن تبعه استعادة الأجرة وعدمها على القولين في من حج عن نفسه وأفسد حجه، من أنه هل تكون الأولى هي الفرض وتسميتها فاسدة مجاز والثانية عقوبة أو بالعكس؟ فإن قلنا: إن الأولى فرضه والثانية عقوبة - كما اختاره الشيخ ودلت عليه حسنة زرارة (1) التي هي مستند تلك المسألة - فقد برئت ذمة المستأجر باتمامه واستحق الأجير الأجرة، وإن قلنا الأولى فاسدة والاتمام عقوبة والثانية فرضه كان الجميع لازما للنائب، وتستعاد منه الأجرة إن كانت الأجرة متعلقة بزمان معين، وذلك فإنه متى كانت حسنة زرارة الواردة في من حج عن نفسه دلت على أن الفريضة هي الأولى، وروايتا إسحاق ابن عمار المختصتان بالنائب دلتا على أن الفرض هي الأولى كما قدمنا ذكره، فإن الواجب هو القول بذلك وعدم الالتفات إلى القول الآخر، لخلوه من الدليل فلا يصلح لأن يفرع عليه بل ولا يلتفت إليه. ومن ذهب إلى كون الفرض هي الثانية في من حج عن نفسه إنما بنى على الطعن في حسنة زرارة من حيث الاضمار.
وهو مع قطع النظر عن ضعفه وعدم الاضرار بصحة الرواية أو حسنها لا يجري في النائب، لدلالة الروايتين المتقدمتين الواردتين في خصوص النائب على أن الأولى هي الفرض.