وإلى حصول الاستطاعة المعتبرة في حجة الاسلام مع عدم النذر. وانعقاد النذر فرع الشرعية والرجحان، وهو غير متحقق. انتهى.
أقول: لا يخفى ما فيه على الفطن النبيه، فإن فرض المسألة في كلام الأصحاب على الوجه الذي فصلناه إنما هو في ما إذا نذر وهو غير مستطيع ثم تجددت الاستطاعة بعد ذلك، فمن جملة صورها ما إذا نذر أن يحج في سنة مسماة من السنين المستقبلة واتفق أنه حصلت له الاستطاعة في تلك السنة، فإن مقتضى انعقاد النذر سابقا وجوب تقديم حج النذر هنا وأن النذر مانع عن حجة الاسلام. وحينئذ فقوله في تعليل الوجه الثاني: " وإلى حصول الاستطاعة المعتبرة في حجة الاسلام... إلى آخره " لا وجه له، فإن وجود الاستطاعة بعد انعقاد النذر بالحج في هذه السنة واشتغال الذمة به في حكم العدم. والعجب من قوله: " وانعقاد النذر فرع الشرعية والرجحان، وهو غير متحقق " فإنه كيف لا يكون النذر منعقدا والحال أنه في وقت النذر عادم الاستطاعة، فأي مانع من انعقاد نذره وشرعيته ورجحانه؟ وبالجملة فإن جميع ما ذكره في الوجه الثاني فهو غير موجه. والله العالم.
المسألة الرابعة - لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أن من نذر الحج ماشيا انعقد نذره ووجب عليه الوفاء به، وتدل عليه العمومات المقتضية لانعقاد النذور (1) وهو عبادة راجحة، وقد ورد في جملة من الأخبار (2): " ما عبد الله بشئ أشد ولا أفضل من المشي إلى بيته " وقد مضى وسيأتي في تضاعيف المسائل الآتية ما يدل على مشروعيته وانعقاده.