أنه عرضه عليه كما في قوله: " خذ هذا المال وحج به " وحينئذ فتثبت الاستطاعة بمجرد الهبة، وإذا ثبتت الاستطاعة بمجرد ذلك كان الحج واجبا مطلقا، ووجب عليه القبول من حيث توقف الواجب عليه، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فيصير القبول من جملة مقدمات الواجب. وحصول الاستطاعة بالهبة لا يتوقف على القبول ليكون الحج قبل القبول واجبا مشروطا ولا يجب تحصيل شرطه، بل الحج بمجرد العرض عليه - بقوله: " وهبتك " أو قوله: " خذ هذا المال " - قد صار واجبا مطلقا لحصول الاستطاعة بمجرد ذلك. اللهم إلا أن يناقش في أن قول القائل: " وهبتك هذا المال للحج " لا يصدق عليه أنه عرض عليه.
وهو في غاية البعد، قال في القاموس: " عرض الشئ له أظهره له، وعليه أراه إياه " وحينئذ فمعنى: " عرض عليه ما يحج به " لغة: أراه ما يحج به. والعبارة في الأخبار خرجت مخرج التجوز باعتبار أخباره واعلامه بذلك. ومن ذلك يعلم صدق العبارة المذكورة على الهبة كالبذل بغير هبة.
ولم أر من خرج عن كلام الأصحاب في هذا المقام وألحق الهبة بمجرد البذل سوى السيد السند في المدارك، واقتفاه الفاضل الخراساني في الذخيرة، وقبلهما المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد، وهو الحق الحقيق بالاتباع وإن كان قليل الاتباع.
الثالث - قال في المسالك: ولا يشترط في الوجوب بالبذل عدم الدين أو ملك ما يوفيه به بل يجب الحج وإن بقي الدين. أقول: وهو كذلك لاطلاق النصوص.
ثم قال: نعم لو بذل له ما تكمل به الاستطاعة اشترط في ماله الوفاء بالدين وكذا لو وهبه مالا مطلقا، ولو شرط عليه الحج به فكالمبذول.
الرابع - المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) أنه لا يجب على