وحينئذ فالظاهر أن هذا الكلام عدول عن ما ذكره أولا.
وكيف كان فجميع ما ذكروه هنا تقييد للنص من غير دليل، وتخيل بطلان تعلق الواجب بغير الواجب - كما ذكره في التذكرة - مدفوع بأن يقال إنه يشترط في استمرار الوجوب استمرار البذل، فإن من شرائط الوجوب استمرار الاستطاعة والاستطاعة هنا إنما هي البذل. نعم لا يبعد - كما ذكر في المدارك - اعتبار الوثوق بالباذل، لما في التكليف بالحج بمجرد البذل مع عدم الوثوق بالباذل من التعرض للخطر على النفس المستلزم للحرج العظيم والمشقة الزائدة فكان منفيا. والظاهر أن الاطلاق في الأخبار بالنسبة إلى هذا القيد الذي ذكرناه إنما وقع بناء على ما هو المعروف المعهود يومئذ من وفاء الناس بذلك فلا يقاس على مثل أزماننا هذه.
بقي هنا شئ وهو أن السيد السند (قدس سره) قال: واعتبر في التذكرة وجوب البذل بنذر وشبهه حذرا من استلزام تعليق الواجب بغير الواجب. ثم رده بأنه ضعيف. وما ذكره ليس في التذكرة منه عين ولا أثر وإنما الذي فيها هو ما قدمنا نقله عنه أولا، ولعله أراد أن اللازم من العبارة المتقدمة ذلك.
ثم إنه ينبغي التنبيه هنا على أمور:
الأول - قال السيد السند في المدارك: اطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين بذل عين الزاد والراحلة وأثمانهما، وبه صرح في التذكرة واعتبر الشارح (قدس سره) بذل عين الزاد والراحلة، قال: فلو بذل أثمانهما لم يجب القبول... إلى آخر كلامه الآتي ذكره إن شاء الله تعالى.
أقول: أما ما ذكره من اطلاق النص فصحيح كما أشرنا إليه آنفا، وأما ما ذكره من اطلاق كلام الأصحاب فلم أقف عليه في كلام أحد منهم إلا في عبارة الشيخ في المبسوط حيث قال: إذا بذل له الاستطاعة قدر ما يكفيه ذاهبا وجائيا