وعدم الميل إليه. ومن أراد تحقيق ما قلناه فليرجع إلى كتابنا المشار إليه آنفا فإنه قد أحاط في هذه المسألة بأطراف الكلام وإبرام النقض ونقض الابرام بما لم يسبق إليه سابق من علمائنا الأعلام. والله الهادي لمن يشاء.
الثاني - ظاهر الأصحاب من غير خلاف يعرف - كما قدمنا التنبيه عليه - أنه من وجب عليه حجة الاسلام فلا يجوز له أن يحج تطوعا ولا عن غيره.
وعللوا المنع من التطوع لمنافاته الواجب الفوري المقدور عليه بالتمكن من التطوع. وأما المنع من الحج عن الغير فيبنى على التفصيل المتقدم.
والمقطوع به في كلامهم أنه لو خالف والحال هذه فإنه يحكم بفساد التطوع والحج عن الغير.
قال في المدارك بعد نقل ذلك عنهم: وهو إنما يتم إذا ورد فيه نهي بالخصوص، أو قلنا باقتضاء الأمر بالشئ النهي عن ضده الخاص، وربما ظهر من صحيحة سعد بن أبي خلف (1) خلاف ذلك، فإنه قال: " سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن الرجل الصرورة يحج عن الميت؟ قال: نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه، فإن كان له ما يحج به عن نفسه فليس يجزئ عنه حتى يحج من ماله. وهي تجزئ عن الميت إن كان للصرورة مال وإن لم يكن له مال " والمسألة محل تردد. انتهى.
وقال بعد ذلك - في شرح قول المصنف: وكذا لا يصح حجه تطوعا، ولو تطوع قيل يجزئ عن حجة الاسلام، وهو تحكم - ما صورته: أما المنع من التطوع لمن في ذمته واجب فقد تقدم الكلام فيه. ولا يخفى أن الحكم بفساد التطوع إنما يتم إذا ثبت تعلق النهي به نطقا أو التزاما، والقول بوقوع التطوع