تنبيهات الأول - اطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في الإقامة الموجبة لانتقال الفرض بين كونها بنية الدوام أو المفارقة، فإن الحكم تعلق في النصوص في بعض على الإقامة وفي بعض على المجاورة وفي بعض على القطون، وهي حاصلة على جميع التقادير. وربما قيل: إن الحكم مخصوص بالمجاورة بغير نية الإقامة، أما لو كان بنيتها انتقل فرضه من أول سنة. واطلاق النص يدفعه.
الثاني - قال في المدارك: ذكر الشارح وغيره أن انتقال الفرض إنما يتحقق إذا تجددت الاستطاعة بعد الإقامة المقتضية للانتقال، فلو كانت سابقة لم ينتقل الفرض وإن طالت المدة، لاستقرار الأول. ثم قال: وفي استفادته من الأخبار نظر. وهو جيد، فإن المفهوم من الأخبار المتقدمة هو انتقال حكمه من التمتع إلى قسيميه بعد السنتين مطلقا، تجددت الاستطاعة أو كانت سابقة.
ولو انعكس الفرض بأن أقام المكي في الآفاق لم ينتقل فرضه بذلك إلا مع نية الدوام وصدق خروجه عن حاضري مكة عرفا. واحتمل بعض الأصحاب الحاقه بالمقيم في مكة في انتقال الفرض بإقامة السنتين. وهو قياس محض.
الثالث - لو كان له منزلان بمكة وغيرها من البلدان البعيدة، فإن تساوت الإقامة فيهما تخير وإلا أخذ بفرض الأغلب.
واحتجوا على الحكم الأول بأنه مع التساوي لا يكون حكم أحدهما أرجح من الآخر فيتحقق التخيير. وعلى الثاني بأنه إنما لزمه فرض أغلبهما، لأن مع غلبة أحدهما يضعف جانب الآخر فيسقط اعتباره.
ولا يخفى ما في هذه التعليلات العليلة من الوهن وعدم الصلوح لتأسيس الأحكام الشرعية.