في الحقيقة اعتراف بمال مستحق للاخراج في الوجه الذي يذكره من حج أو غيره إما بأجمعه وذلك على تقدير مساواته للحق، أو بعض منه بتقدير الفضلة عنه أو على تقدير التخيير بينه وبين غيره إذا كان للميت مال آخر، إلى غير ذلك من الأحكام المقررة في مواضعها. وكيف يعقل أن يكون مثل هذا اقرارا للوارث مع كون الكلام المتصل جملة واحدة لا يتم معناه ولا يتحصل الغرض منه إلا باستيفائه على ما هو محقق في محله. وخلاصة الأمر أن المتجه في نحو هذا الفرض أن يكون المقر به هو ما يتحصل من مجموع هذا الكلام لا ما يقع في ابتدائه بحيث يجعل أوله اقرارا وآخره دعوى. وتمام تنقيح هذا المقام بمباحث الاقرار أليق. إذا تقرر ذلك فاعلم أن المستفاد من الحديث بعد ملاحظة هذا التحقيق وجوب اخراج الحجة من الوديعة حيث لا مال سواها بحسب فرض السائل وكون ما يفضل عنها للوارث. وأمره عليه السلام بالحج إذن له في تعاطيه بنفسه لا في استنابة غيره، فلا بد في غير صورة السؤال والجواب من استئذان من له الولاية العامة في مثله إذا لم يكن الودعي ممن له ذلك. وكذا القول في ما لو تضمن الاقرار نوعا آخر من الحق، فإن القدر الذي يحكم به حينئذ إنما هو تقديم الحق على الوارث، وأما طريق تنفيذه فيرجع فيه إلى القواعد. ولا يقاس على أمره عليه السلام في الخبر للسائل بالحج فإنه مختص بتلك الصورة الخاصة فلا يتعداها. انتهى كلامه زيد مقامه.
وهو جيد نفيس، إلا أن قوله في آخر الكلام: " وأمره عليه السلام بالحج إذن له في تعاطيه بنفسه لا في استنابة غيره، فلا بد في غير صورة السؤال والجواب من استئذان من له الولاية العامة في مثله " فإن فيه من الاجمال وسعة دائرة الاحتمال ما ربما أوجب الاختلال، وذلك أنه ليس في المسألة - كما عرفت - إلا هذا الخبر خاصة، وحينئذ فقوله: " إن أمره عليه السلام بالحج إذن له في تعاطيه بنفسه لا في استنابة غيره " أما أن يحمل على خصوصية السائل ويكون قوله: " فلا بد في غير