معنى مستقيما، فإنه متى كان الواجب عليه إنما هو الحج من الميقات فالذي يتعلق بالذمة من المال إنما هو مثل أجرة هذه المسافة، وهذا لا يتفاوت بين إمكان الاستئجار منه وعدمه، بل فرض الحج هنا من الميقات أو ما أمكن غير ممكن، لأن الوصية تعلقت بالحج من البلد، فالواجب حينئذ هو الاستئجار من البلد ولا يجزئ غيره.
وإنما الكلام في قدر الأجرة التي يجب اخراجها، فعلى هذا القول يجب أن يخرج أجرة الميقات من الأصل وما زاد عليه من الثلث. وحينئذ فقوله -:
" وإلا فمن حيث أمكن وكانت أجرة الجميع خارجة من الأصل " - لا أعرف له معنى مع فرضه أصل المسألة في من أوصى بالحج من البلد، إذ لا معنى للحج من البلد إلا الاستئجار للسعي منه.
ويشير إلى ما ذكرناه ما هو المصرح به في كلام أكثر الأصحاب في فرض هذه المسألة، فإنهم يجعلون ما قابل أجرة المثل من الأصل والزائد من الثلث.
قال العلامة (قدس سره) في المنتهى: إذا أوصى بحجة الاسلام ولم يعين المقدار انصرف إلى أجرة المثل من جميع المال. ثم استدل على كل من الأمرين إلى أن قال: أما لو عين المقدار، فإن كان بقدر أجرة المثل فلا بحث يخرج من صلب المال، وإن كان أكثر من أجرة المثل أخرج مقدار أجرة المثل من صلب المال والزائد من الثلث، لأنه ضمن وصيته شيئين أحدهما واجب والآخر تطوع، فيخرج الواجب من الأصل والتطوع من الثلث. انتهى.
وكلامه (قدس سره) مبني على ما هو المشهور عندهم من الحج من الميقات فلو أوصى للحج من الميقات بما يسع الحج من البلد فإنه يخرج الزائد عن أجرة المثل من الثلث. وهو صحيح بناء على هذا القول. ولم يتعرض لشئ من هذا التفصيل الذي ذكره، وهو آت في ما نحن فيه، فإنه متى أوصى بالحج من البلد فهو