الجمار ونفر حتى انتهى إلى الأبطح، فقالت له عائشة: يا رسول الله صلى الله عليه وآله ترجع نساؤك بحجة وعمرة معا وأرجع بحجة؟ فأقام بالأبطح وبعث معها عبد الرحمان بن أبي بكر إلى التنعيم فأهلت بعمرة، ثم جاءت فطافت بالبيت وصلت ركعتين عند مقام إبراهيم وسعت بين الصفا والمروة، ثم أتت النبي صلى الله عليه وآله فارتحل من يومه، ولم يدخل المسجد الحرام ولم يطف بالبيت. ودخل من أعلى مكة من عقبة المدنيين وخرج من أسفل مكة من ذي طوى ".
أقول: عندي في هذا الخبر اشكال، لأنه تضمن أن عليا عليه السلام لم يعين في اهلاله حجا ولا عمرة، وإنما قال: " اهلالا كاهلال النبي صلى الله عليه وآله " فأقره النبي صلى الله عليه وآله على ذلك وجعله شريكه في هديه الذي ساقه فكان حجه حينئذ حج قران مثله.
ثم إن الخبر تضمن أن الهدي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله أربعة وستون أو ستة وستون وجاء علي عليه السلام بأربعة وثلاثين أو ستة وثلاثين. وهذا لا يخلو من نوع مدافعة لما تقدم، لأن عليا عليه السلام لم يهل بالقران الذي يقتضي سياق هذه البدن المذكورة وإنما قال: " اهلالا كاهلال النبي صلى الله عليه وآله " مع أنه قال له: " أنت شريكي في هديي " فكيف يتم أن عليا عليه السلام أتى بهذه البدن معه وعقد بها احرامه.؟
والصدوق ابن بابويه في الفقيه (1) قد نقل مضمون الخبر وإن لم يسنده بما هو أوضح من هذا النقل وأسلم من هذا الاشكال، حيث إنه ذكر بعد قوله صلى الله عليه وآله: " وأنت شريكي في هديي " قال: وكان النبي صلى الله عليه وآله ساق معه مائة بدنة، فجعل لعلي عليه السلام منها أربعا وثلاثين ولنفسه ستا وستين ونحرها كلها بيده...
إلى أن قال: وكان علي عليه السلام يفتخر على الصحابة ويقول: من فيكم مثلي وأنا شريك رسول الله صلى الله عليه وآله في هديه؟ من فيكم مثلي وأنا الذي ذبح رسول الله صلى الله عليه وآله هديي بيده؟ انتهى.