وبالجملة فإني لا أعرف لهم حجة واضحة على التخصيص سوى الاجماع المدعى في المقام.
ولعله لما ذكرنا ذهب في الدروس إلى وجوب الاستنابة مطلقا، وإن وجبت الفورية بالنسبة إلى المأيوس من البرء والعدم بالنسبة إلى مرجو الزوال، فإن ظاهر كلامه مشعر بذلك، حيث قال بعد ذكر المعضوب: والأقرب أن وجوب الاستنابة فوري إن يئس من البرء وإلا استحب الفور. وفي حكم المعضوب المريض والهرم والممنوع بعدو، سواء كان قد استقر عليه الوجوب أم لا، خلافا لابن إدريس. فإن ظاهر كلامه ظاهر في ما قلناه، وكذلك فهمه الأصحاب.
قال في المسالك: وإنما تجب الاستنابة مع اليأس من البرء، ومعه فالوجوب فوري كأصل الحج، ومتى لم يحصل اليأس لم يجب وإن استحب، ويظهر من الدروس وجوب الاستنابة على التقديرين وإن لم تجب الفورية مع عدم اليأس. انتهى.
وقول الشهيد (رحمه الله) - عندي هنا لا يخلو من قوة وإن نسبه في المدارك إلى الضعف، لدلالة ظاهر الأخبار المتقدمة عليه، مع تأيد ذلك بالاحتياط المطلوب في الدين.
على أن ما ادعوه من الاستحباب لا أعرف له دليلا في المقام، إذ ليس في المسألة سوى ما قدمناه من الأخبار، وهي عندهم محمولة على العذر الغير المرجو الزوال، وقد صرحوا بأن النيابة فيها على جهة الوجوب. ومن ذلك يعلم أنه لا دليل لهذا الاستحباب وإن نقلوه عن الشيخ (رحمه الله تعالى) وتبعوه فيه، كما هي قاعدتهم غالبا.
بقي الكلام هنا في فوائد تتعلق بالمقام: الأولى - ظاهر الأصحاب (رضوان الله عليهم) الاتفاق على أنه لو تقدمت الاستطاعة على حصول العذر وجبت الاستنابة قولا واحدا، وقد صرح بذلك جملة منهم، ويدل عليه